الدكتور يحيى الخراط أستاذ اللغة العربية لغير الناطقين بها بجامعة وسترن بمدينة لندن أونتاريو، خصّ جريدتنا بهذا الحوار الشيق، ويسعدنا أن نضعه بين يَدَي قرائنا الأفاضل. أرجو أن تُعرِّف القراء بنشأتكم العلمية: ولدتُ في مدينة حلب بسوريا عام

١٩٥٧ م، ودرَستُ في مدارسها حتى المرحلة الثانوية، ثم درَستُ في جامعة حلب كلية الآداب، وحصلتُ على درجة الليسانس سنة ١٩٨٨ م في اللغة الإنكليزية وآدابها،

وكان لي أثناء دراستي الجامعية طموح للدراسات العليا، فراسلتُ جامعة كنساس

في مدينة لورنس بأمريكا، ودرستُ فيها وحصلت على شهادة الماجستير في المناهج

والتعليم عام ١٩٩٠ م، وواصلتُ دراستي لمرحلة الدكتوراه في اللغويات التطبيقية في الجامعة نفسها، وتخرَّجتُ سنة ١٩٩٤ م. ما ذكرياتكم عن هذه المرحلة؟

هذه مرحلة دقيقة في حياتي، لم أكن أعرف فيها غير الدراسة العميقة، وقد أفدتُ كثيراً من التقدم العلمي الذي حَظيت به جامعة كنساس، كما استفدتُ من الأجواء العلميّة التي كانت تتمتع بها الولايات المتحدة الأمريكية. ومن ذكرياتي في مدينة لورنس النشاط التعاوني المكثَّف بين أبناء الجالية الإسلامية، وقد كنّا مثل الخلية الواحدة في المحبة والتعاون والتآزر.

إلى أين كان مشواركم العلمي بعد أمريكا؟ تعاقدتُ مع المملكة العربية السعودية بجامعة الملك خالد في مدينة أبها، وقد مكثتُ فيها ثماني سنوات، أدَّيتُ واجبي الأكاديمي، وشاركتُ مع الجاليات الأجنبية في توعيتها وتثقيفها. ومدينة أبها جميلة ومرتفعة وهادئة، وجوّها معتدل، وقضينا فيها وقتاً ماتعاً. كيف كانت صلتكم بمدينة لندن أونتاريو وجامعتها؟ في عام ٢٠٠٢ م قرّرتُ بعد التفاهم مع عائلتي ورغبة أولادي في متابعة دراستهم في كندا أن أستوطن فيها، فوصلتُ إلى مدينة

لندن، بعد أن حصل أولادي على القبول في جامعة وسترن، ثم تعاقدتُ عام ٣ ٢٠٠

مع كلية الآداب، قسم اللغات الحديثة، لتدريس العربية لغير الناطقين بها، ولازلتُ أستاذاً فيها حتى الآن.

كم كان عدد الطلاب آنذاك؟ كان عدد الطلبة محدوداً في بداية الأمر، ومع مرور السنوات تزايد الإقبال على تعلّم اللغة العربية ممّا دفع الجامعة إلى فتح شُعب

إضافية، وإيجاد مستويات أعلى، إلى أن أصبح قسم اللغات الحديثة في كلية الآداب

في جامعة وسترن يستوعب ثلاثة مستويات، هي: المبتدئ، والمتوسط، والمتقدم، وبذلك استوعبت الكلية الطلب المتزايد على تعلّمالعربية، وأصبح عدد الطلاب يربو على150 طالباً.

آمُل أن تحدثونا عن أصول طلابكم: بالنسبة للمستوى المبتدئ فإن عدد الطلبة

من الأصول غير العربية كبير. فنحن نواجه طلبة من إيران وباكستان والهند بالإضافة إلى دول أفريقية وآسيوية وأوروبية. أما المستوى المتوسط والمستوى المتقدم فيغلب عليهم الأصول العربية، ولكن طائفة كبيرة منهم غلب عليهم اللسان غير العربي الفصيح.

أرجو أن تحدثونا عن المقررات التي تقررونها على الطلبة:

بالنسبة للمستوى المبتدئ فهناك كتب عديدة تُناسب الطلبة، ولكن التحدي يكون بالنسبة للمستوى المتوسط والمستوى المتقدم، فالكتب المتداولة في الساحة الأكاديمية لا تناسب الطلبة العرب؛ لأن معظمهم يعرفون العربية المحكيّة، ولكنّهم بعيدون عن قواعدها ونحوها وصرفها، فلذلك قمتُ بتأليف كتاب مناسب للمستوى المتوسط والمستوى المتقدم يركّز على المهارات اللغوية التي يحتاج إليها الطالب وتناسبه، واقتبستُ نصوصاً هادفة من عيون الأدب العربي. وأسميتُ الكتاب:

العربية: قدرات ومهارات. أرجو أن تحدثونا عن صفوة خبرتكم في تعليم

العربية: تعليم اللغة العربية يناسبه الأجواء التطبيقية

الميدانية في اكتساب المهارات اللغوية

المتعددة، فأنا لا أؤمن بجدوى سرد القواعد النظرية وحشوها في ذهن الطالب؛ لأن الطالب سوف يحفظها لأجل الامتحان ثم ينساها، أمّا إذا تلقاها من خلال التطبيق والحوار وبذل الجهد في دراستها من خلال المحادثة والقراءة والكتابة فإن هذا الطالب سوف يظفر باكتسابها، لذا فأنا أتعمّد في تدريسي الحوار مع الطلاب، والتركيز على تسهيل القواعد النحوية والصرفية من خلال الاستماع والمحادثة، واتباع الطريقة الاستقرائية والاستنتاجية في التدريس.

ما الذي تودُّ أن تخاطب به الطلبة وأولياء أمورهم؟ الذي أودُّ أن أخاطب الآباء والأمّهات هو ضرورة تشجيع أولادهم على دراسة العربية التي تُثبت هويتهم، كما أوجه نصيحتي للأبناء بأن يدرسوا العربية حباً، لها وليس طمعاً في درجتها. إنّ جاليتنا كثيرة العدد، وغالبية الأبناء يتحدثون مع ذويهم بالإنكليزية أو باللهجات المحلية، فالناشئة لا يعرفون شيئاً عن علوم اللغة العربية وأدباءها المرموقين في العصور المتعاقبة من أمثال الخليل بن أحمد الفراهيدي، وابن المقفع، والجاحظ، والمعري، والمتنبي، وغيرهم الكثير. ولذا أخاطب الجميع بالحرص على التواصل مع مصادر العربية، والنهل من علومها وآدابها، ومقرَّر اللغة العربية الذي وضعته بين أيدي الطلبة فرصة ثمينة لدراسة هؤلاء الجهابذة العرب. كيف ترون مستقبل العربية في جامعة وسترن؟ أنا متفائل كلَّ التفاؤل بازدياد الطلب على تعليم العربية، وأتوقع أن يكون في الجامعة في المستقبل القريب برنامج متكامل يمكّن الطلبة من الاختصاص الفرعي في علوم العربية أسوة بباقي اللغات، مثل: الإسبانية والألمانية والإيطالية وغيرها. والجدير بالذكر أن العربية في مدينة لندن، كما تشير الإحصائيات

الحكومية، هي أكثر اللغات المهاجرة تحدّثاً، وقد بدأت الجامعات الكبيرة، مثل: تورونتو، وأوتاوا، وماكيل بتدريسها كاختصاص أساسي.

هل من كلمة إلى إخوانك في مدينة لندن خصوصاً وفي كندا عموماً؟

أدعو إخواني في مدينة لندن إلى الالتفات إلى ناشئتهم وشبابهم بالتوجيه الفكري السليم، وتثقيفهم بالأخلاق الحسنة حتى يكون جميع أفراد جاليتنا سفراء محبة وسلام، كما أدعو إخواني في كندا إلى التكاتف والتعاون بتقديم الصورة الحسنة لهذا البلد المعطاء الذي أمّن لنا عوامل الاستقرار، وقدّم لنا الخير الوفير، فيجب علينا أن نكون قدوة حسنة لجميع الكنديين. فدولة كندا أعطتنا الكثير، وهذا دافع لنا للمشاركة في بناء هذا البلد الطيب، والسعي في ازدهاره ورقيّه، فعلينا أن نُثبِتَ للجميع أننا بعيدون عن كل ما يُعكِّر الأمن والرفاه. هل من كلمة ختام ؟

انتهز هذه الفرصة لاشكر جريدة هنا لندن الغراء على هذه الاستضافة وانا اعتبر هذه

الجريدة هي جريدة الجالية العربية كلها فهى وبحق وكما هو مكتوب اسفل كل صفحة

من صفحاتهارسالة محبة لكل القراء

 
شارك مع أصدقائك
  • gplus
  • pinterest

أخر الأخبار

لا يوجد أخبار

أحدث التعليقات

    لا يوجد تعليقات

أترك تعليقاً