من منا لا يحبّ الأطفال الصغار؟ لكن ماذا نعرف بالفعل عن أدمغتهم وطريقة نموها في هذا العمر اليافع، فالجنين في عمر أربعة أسابيع يطوّر العصبونات الجديدة بمعدل 250 ألف عصبونًا في الدقيقة، وعندما يصبح عمر الطفل ثلاث سنوات، فإنّ دماغه يكون قد وصل إلى 80% من حجم الدماغ البالغ، ويمتلك حينها حوالي 1000 ترليون اتصالٍ بين تلك العصبونات. نقدّم لكم هنا عشر معلومات غريبة عن دماغ الرضّع!
بسبب حجم قناة الولادة، والاحتياجات الأيضيّة التي يفرضها الجنين على والدته خلال الحمل، فإنّ حجم الرأس محدود بتلك المعايير، ولذلك فإنّ دماغ الجنين لا يصل لنهاية تطوره خلال فترة الحمل، بل يكون الدماغ غير مكتمل النضوج وشديد الحساسية لأي منبه.
تعتبر نظرية مشهورة أنّ أول ثلاثة أشهر بعد الولادة تُعتبر “ثلثًا رابعًا”- حيث أنّ الحمل يستغرق أربعين أسبوعًا ويُقسم لسهولة التصنيف والعناية الطبيّة إلى ثلاثة أثلاث- وتفسر تلك النظرية أنّ الرضع يرتاحون عندما يكونون مغطيين، ويقومون بالاستجابة للضوضاء البيضاء – مقلدين بذلك الشروط التي كانوا يخضعون لها داخل الرحم.
2- يولد الرضع ودماغهم يحتوي جميع العصبونات التي سيحتاجونها في حياتهم كلّها
بعد تطوّر طبيعيّ داخل الرحم، فإنّ الرضيع يخرج للحياة حاملًا مئة مليار خليّة عصبيّة – عدد العصبونات في الدماغ البالغ في المتوسط حوالي 84 مليارًا- وفي دماغٍ بنصف حجم دماغ البالغ. هذا العدد الهائل من العصبونات يساعد الرضيع في التعلّم الهائل خلال أولى سنواته في هذه الحياة.
رغم أنّ حجم الدماغ يتضاعف عند عمر الثالثة، لكن لن تبقى جميع العصبونات التي ولد بها الرضيع، حيث يتخلّى الدماغ عن الاتصالات المشبكيّة الضعيفة مقابل تلك القويّة.
3- أسرع نموٍ للدماغ عند البشر هو في المرحلة العمريّة: من الولادة إلى سن الثالثة
أول ثلاث سنوات في حياة طفلك تشهد النمو الأسرع لدماغه، أسرع من أي مرحلة أخرى، وأسرع من أي عضو آخر. عند الولادة يكون حجم الدماغ الوليد ثلث حجم الدماغ البالغ، في اليوم ال90 يتضاعف الحجم ليصل لنصف الحجم النهائيّ تقريبًا.
أسرع جزء في النمو داخل الدماغ هو “المخيخ”، المسؤول عن تنسيق الحركات والتوازن، فهو يصل إلى حجم يفوق 110% حجمه عند الولادة خلال ثلاثة أشهر فقط!
4- معظم الطاقة التي يحتاجها الرضيع تذهب للدماغ
بسبب التطور السريع للدماغ، فإنّ حوالي 60% من الطاقة الأيضيّة التي يستهلكها الرضيع –معظمها من الغلوكوز- تُصرف على تطوير ونمو الدماغ. بينما يستهلك دماغ البالغ حوالي 25% فقط من الطاقة الأيضيّة للجسم.
5- تستعد أدمغة الرضع للكلام قبل أن يتعلّم النطق
أظهرت دراسة للرضّع في عمر السبعة أشهر في جامعة واشنطن أنّ التفعيل للأجزاء الحركيّة من دماغ الرضّع المسؤولة عن النطق – منطقة بروكا والمخيخ- يحصل بشكلٍ مبكرٍ قبل حتى بدء الرضّع في الكلام. تقترح هذه النتائج أنّ هناك خطة لبناء مسار اللغة في الدماغ، حتى قبل تعلمها وذلك بتوقع الدماغ للحركات المطلوبة لإنتاج الأصوات والتحدّث، ثم العمل على تحضير نفسه لتحقيقها.
6- تتميز أدمغة الرضع ثنائيّي اللغة بقدرات أكبر
لا يتمتع الرضّع بالقدرة على تعلّم أيّ لغة عند الولادة فحسب بل إنّ الرضّع الذين يعيشون في منزلٍ متعدد اللغات ويتعرضون لأكثر من لغةٍ يتمتعون بدماغ قادرٍ على أداء الوظائف الوظيفيّة بشكلٍ أفضل لاحقًا في الحياة، خاصةً القدرة على توجيه اهتمامه وتركيزهم، وإدراك المشاكل المعقّدة من عدّة وجهات مختلفة، مما يعطيهم أفضليّة في المدرسة وفي مكان العمل.
للآباء والأمهات: خطوات بسيطة تجعل الواجب المدرسي لأبنائك عادة وليس قرار للتنفيذ
7- تتقوى المشابك العصبيّة في أدمغة الرضع بواسطة التلامس الفيزيائيّ
يتميّز الرضّع الذين يحظون باتصال بشريّ وملامسة من قبل الأهل بشكل أكبر باتصالات عصبيّة أقوى، وبصحة أفضل في جميع المجالات أيضًا.
إنّ من المعروف أنّ الرضع المحرمون من التواصل اللمسي يعانون من الكثير من المساوئ الصحيّة، انخفاض الوزن والاضطرابات العاطفيّة، كالقلق والاكتئاب. أظهرت دراسة ضمت 92 طفلًا، بين عمر السابعة والتاسعة، أنّ الأطفال الذين حصلوا على اهتمام أكبر من أمهاتهم يمتلكون “حُصينًا” أكثر كثافة من أولئك الذين لم تكن علاقاتهم بأمهاتهم بتلك الجودة والعاطفة. يؤدي وجود حصين قوي في الدماغ إلى ذاكرة أقوى، تركيز أفضل، وقدرة أكبر على التعلم.
8- أدمغة الرضّع مجهزّة لتفضّل رائحة الأم
تتحدد علاقة الرضيع والأم في أولى أيامه عن طريق حاستي اللمس والشمّ، وخاصة بواسطة هرمون الأوكسيتوسين، الذي يحثّ على الشعور بالحبّ والسعادة عند البشر. أظهرت الدراسات أنّ دماغ الرضّع مجبول على التعلّق برائحة السائل الأمنيوسي الخاص بالرضيع نفسه، وهذا ما يساعده في تمييز والدته وثدييها. بعد عدّة أيّام من الولادة يطوّر الرضيع قدرة على تفضيل رائحة ثدي والدته.
9- عدم مرغبة الرضيع ترك أخد والديه هو عبارة عن بدء تشكيل وتطوّر الذاكرة طويلة الأمد
بكاء الطفل بمجرد ابتعاد والدته عنه هو من أوائل المؤشرات عن تطور الذاكرة طويلة الأمد. يقترح جيروم كاغان، بروفسور الطب النفسيّ في جامعة هارفارد الأمريكيّة، أنّ عدم رغبة الرضيع في عمر التسع أشهر ترك والديه هو دليل واضحٌ على معرفة الطفل لوجود أمّه بقربه، وتطوير رابط عاطفيّ معها.
10- يساعد انخفاض الحرارة في حماية دماغ حديثي الولادة
أظهرت دراسة جديدة في مشفى الأطفال في لوس أنجلس أنّ معالجة الأطفال المصابين بالاعتلال الدماغي الإقفاري بنقص الأكسجة hypoxic ischemic encephalopathy –حالة مرضيّة تحصل عندما يحرم الدماغ من الأوكسجين الكافي لأداء وظائفه- بواسطة تخفيض درجة الحرارة واستهداف الدماغ، يؤديّ إلى نتائج عصبيّة إيجابيّة.
بدون هذا العلاج، تتطور هذه الحالة إلى شلل مخيّ أو غيره من المضاعفات العصبيّة التي تصيب أكثر من مليون رضيع حول العالم. تظهر الدراسة تأثير تخفيض الحرارة بواسطة تقليل الحاجة الأيضيّة للدماغ، وتقليل تصنيع الغلوتامات وغيرها من النواقل العصبيّة المحفّزة، مما يقلل استهلاك الأوكسجين ويسمح للدماغ بالنمو.