شهدت أسواق المال الآسيوية والأوروبية تراجعا حادا عند افتتاح تداولاتها الثلاثاء بعد تهاوي بورصة وول ستريت حيث هبط مؤشر داو جونز حوالى 1000 نقطة. والمخاوف بشأن التضخم في الولايات المتحدة كانت وراء إشعال وضع الأسواق بعدما بدأ العام 2018 بشكل إيجابي، مع تسجيل مؤشرات البورصات مستويات قياسية متتالية في نيويورك. لكن الوضع تغير بشكل مفاجئ مع نشر التقرير الشهري حول الوظائف في الولايات المتحدة الجمعة.

 

طالت صدمة التراجع الحاد في بورصة وول ستريت، الثلاثاء أسواق المال الأوروبية بعدما عمت الأسواق الآسيوية في وقت سابق.

وظهر توجه البورصات جليا منذ فتح الأسواق في أوروبا حيث بلغ التراجع -3,43% في بورصة باريس و-3,5% في لندن و-3,3% في مدريد و-3,6% في أمستردام.

من جهتها افتتحت الأسواق المالية الآسيوية على تراجع كبير، وفي طليعتها طوكيو التي تراجعت بنسبة 4,73% الخميس، وهي نسبة غير مسبوقة منذ انتخاب دونالد ترامب في البيت الأبيض، فيما أغلقت هونغ كونغ على خسارة تزيد عن 5% وتراجعت شنغهاي بأكثر من 3%.

 

بداية أزمة أم مجرد نوبة ضعف عابرة

وقال المحلل لدى مجموعة "لندن كابيتال غروب" جاسبر لولر إن "أوروبا تجد نفسها بمواجهة موجة حمراء بعد حمام الدم في الأسواق الأمريكية (...) بعد أقل من أسبوعين على ذروة تاريخية" سجلتها وول ستريت.

ويتساءل الجميع في أوروبا الثلاثاء عما إذا كان هذا التراجع بداية أزمة أم مجرد نوبة ضعف عابرة.

ويرى الخبراء في "ميرابو سيكيوريتيز" بجنيف أن "جلسة اليوم ستكون في غاية الأهمية (ربما الأهم منذ بداية العام) لأنها ستختبر أعصاب المستثمرين وتثبت (أم لا) إن كنا دخلنا" مرحلة تراجع في السوق مضيفين "لا نعتقد ذلك".

وتساءل محللو شركة "أوريل بي جي سي" "إلى أين سيصل التراجع؟" وإن اعتبروا أن "التراجع قد يستمر لبعض الوقت، حتى نهاية الأسبوع"، إلا أنهم يرون أن "السيولة من جهة أخرى وافية ولا بد أن يدرك المستثمرون بدون إبطاء أن هذا الهبوط سليم أكثر مما هو وخيم"، وهو يفسح المجال لإحلال الاستقرار في السوق.

وتابعوا "بالطبع، إن جاءت مؤشرات جديدة لتؤكد أن التضخم يتسارع فعليا في الولايات المتحدة، فإن تقلبات الأسواق قد تبقى قوية على الدوام".

مخاوف بشأن التضخم

والمخاوف بشأن التضخم هي تحديدا ما أشعل وضع  الأسواق بعدما بدأ العام 2018 بشكل إيجابي، مع تسجيل مؤشرات البورصات مستويات قياسية متتالية في نيويورك.

لكن الوضع تبدل بشكل مفاجئ مع نشر التقرير الشهري حول الوظائف في الولايات المتحدة الجمعة.

فإن كان الإعلان عن زيادة كبيرة في الأجور في كانون الثاني/يناير شكل نبأ سارا للاقتصاد الأمريكي، إلا أنه انعكس بشكل مدمر على الأسواق حيث أحيا المخاوف من حصول تضخم، ما سيؤدي إلى تشديد السياسة النقدية الأمريكية بوتيرة أسرع مما هو متوقع.

وفي أعقاب ذلك، ارتفعت معدلات عائدات سندات الخزينة، ما أدى إلى تعثر وول ستريت.

والاثنين تزايدت الخسائر وانخفض مؤشر داو جونز بحوالى 1600 نقطة خلال الجلسة، قبل أن يغلق على تراجع بنسبة 4,60%.

وفي سوق السندات، بقيت معدلات الفائدة الأمريكية على القروض خاضعة للضغوط مع ارتفاع عائدات السندات لعشر سنوات إلى مستوى 2,758% بالمقارنة مع 2,706% عند الإغلاق الاثنين.

وطاول الانخفاض أيضا العملة الافتراضية بيتكوين التي واصلت الثلاثاء هبوطها بعد أسابيع من التراجع، وتدنت حتى عن عتبة ستة آلاف دولار لوقت وجيز بعدما قاربت 20 ألف دولار في كانون الأول/ديسمبر. وتم التداول بهذه العملة بمستوى 6137 دولارا قرابة الساعة 8,30 ت غ.

وول ستريت تهوي

وهوت الأسهم الأمريكية في تعاملات متقلبة الاثنين بعد أن تسارعت عمليات البيع في بورصة وول ستريت مع هبوط مؤشر داو جونز حوالي 1000 نقطة. وبهذا يفقد المؤشر معظم المكاسب التي حققها منذ إعلان خفض الضرائب في الولايات المتحدة العام الماضي.

وعند الساعة 20:10 ت غ كان معدل مؤشر داو جونز الصناعي قد هبط 1,481 نقطة أو 5,8 بالمئة ليصل إلى 24,040.29، محققا خسائر أكثر من 1000 نقطة في ساعة.

كما انخفض مؤشر ستاندرد أند بورز 4,2 بالمئة ليصل إلى 2,647.18، وتراجع مؤشر ناسداك 3,6 بالمئة إلى 6,980.28.

وكان سوق الأسهم الأمريكية عرضة للضغط خلال الأسبوع الماضي في الوقت الذي يقيم فيه المستثمرون مخاطر رفع الاحتياطي الفدرالي لمعدلات الفائدة بعد الإعلان عن بيانات اقتصادية إيجابية وقوية.

ترامب يركز على "الأساسيات الاقتصادية"

وعلق البيت الأبيض على موجة الهلع التي سادت جلسة التداولات في وول ستريت بالقول إن الرئيس دونالد ترامبيركز على "الأساسيات الاقتصادية" بعيدة المدى وأن الاقتصاد الأمريكي ما زال "قويا للغاية".

وقالت المتحدثة باسم الرئاسة الأمريكية سارا ساندرز إن "تركيز الرئيس ينصب على أساسياتنا الاقتصادية البعيدة المدى التي ما زالت قوية للغاية، مع انتعاش النمو الاقتصادي وتدني معدل البطالة إلى مستوى تاريخي وارتفاع رواتب العمال الأمريكيين".

وأتت هذه الحركة التصحيحية في بورصة نيويورك في نفس اليوم الذي تسلم فيه جيروم باول منصبه رئيسا للاحتياطي الفدرالي خلفا لجانيت يلين، المرأة الوحيدة التي تولت رئاسة المصرف المركزي الأمريكي في تاريخ الولايات المتحدة.

لكن هذه الحركة التصحيحية كانت منتظرة بالنسبة إلى الكثير من الخبراء بسبب الأرقام القياسية التي ما فتئت مؤشرات وول ستريت تحطمها يوما تلو الآخر خلال الأشهر الفائتة.

ومعدل البطالة في الولايات المتحدة هو حاليا في أدنى مستوى له منذ 17 عاما، في حين أن إجمالي الناتج المحلي سجل في العام 2017 ارتفاعا بنسبة 2,3%.

 

فرانس24/ أ ف ب

 
 

 

شارك مع أصدقائك
  • gplus
  • pinterest

أخر الأخبار

لا يوجد أخبار

أحدث التعليقات

    لا يوجد تعليقات

أترك تعليقاً