في قاعة تدريس في أحد مخيمات بيروت، تشرح منال قرطام لعدد من الطلاب أهداف حملتها بعد ترشحها عن المقعد الفلسطيني، غير الموجود في البرلمان، في خطوة رمزية هدفها حث القوى السياسية على لحظ حقوق اللاجئين في برامجها.
ويستضيف لبنان وفق آخر احصاء نشرته الحكومة اللبنانية في كانون الأول/ديسمبر الماضي 174 ألف لاجئ فلسطيني موزعين على 12 مخيماً، بعدما كانت تقديرات متداولة تتحدث عن وجود نحو 500 ألف يعيشون ظروفاً صعبة.
ويجري لبنان في 6 أيار/مايو انتخابات برلمانية هي الأولى منذ نحو عقد من الزمن، وفق قانون انتخاب جديد يعتمد النظام النسبي، ما دفع المستقلين وناشطي المجتمع المدني الى الترشح.
على حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي كما خلال لقاءاتها وجولاتها في المخيمات الفلسطينية، تشرح منال أهداف حملتها الرمزية تحت عنوان #موجودين وتقدم نفسها بوصفها مرشحة عن “المقعد الفلسطيني”.
وتشرح منال التي تفيض حيوية وحماسة “كان على أحد أن يقول +هناك أشخاص موجودون منذ سبعين عاماً في هذا البلد لكنهم غير موجودين في سياسات الدولة+ (..) لخلق صدمة في صفوف الناس وسط هذا الكم الهائل من المرشحين”.
ولطالما شكّل الوجود الفلسطيني عاملاً حسّاساً في لبنان وموضوعاً متفجرّاً بين الأطراف التي شاركت في الحرب اللبنانية بين العامين 1975 و1990. ولا يزال حاضراً في الخطاب السياسي لبعض القوى اللبنانية التي تكرر رفضها المطلق لـ”توطين الفلسطينيين” أو أي إجراء يناقض حق العودة أو ينزع عن اللاجئين هويتهم.
– حقوق اقتصادية واجتماعية –
يعيش اللاجئون الفلسطينيون في لبنان وضعاً صعباً بسبب منعهم من العمل في قطاعات مهنية كثيرة ومن التملك. ويحظر القانون اللبناني على المرأة ان تمنح جنسيتها الى اولادها، وأحد الاسباب الرئيسية لهذا المنع هو زواج العديد من اللبنانيات من فلسطينيين، وبالتالي الخشية من تغيير ديموغرافي.
وأعد وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل الشهر الماضي مشروع قانون يطالب باعطاء المرأة اللبنانية حق منح الجنسية لأولادها اذا كانت متزوجة من غير لبناني، “باستثناء دول الجوار للبنان، وذلك لمنع التوطين” في اشارة الى السوريين والفلسطينيين بشكل رئيسي.
وتقول منال “أطالب بحقوق مدنية واجتماعية واقتصادية للاجئين الفلسطينيين ولا أطالب بحقوق سياسية” موضحة أن ذلك يتضمن “حق العمل في كل المهن وحق الحماية الاجتماعية وحق التملك”، وهو الأمر الذي تعارضه القوى السياسية اللبنانية بمعظمها.
ومن خلال حملتها التي ستستمر بعد الانتخابات للضغط على المعنيين والمجتمع الدولي لايلاء حقوق الفلسطينيين في لبنان الاهتمام اللازم، تطالب منال بجعل المخيمات “مفتوحة على محيطها وجزءاً من برامج وخطط البلديات”.
وتشرح “يجب ألا تكون المخيمات معزولة ومغلقة، ويجب أن تخضع لسلطة الدولة وسيادتها، وينبغي أن يكون الفلسطيني ضمن العملية التنموية والانمائية اللبنانية”.
وتضيف “بهذا الشكل، يمكن أن نبني إنساناً ومجتمعاً فلسطينياً قادراً على تحرير أرضه والعودة اليها”.
وأقيمت مخيمات اللاجئين في لبنان اثر نكبة الفلسطينيين العام 1948 مع قيام دولة اسرائيل. ولا تدخل القوى الأمنية اللبنانية المخيمات بموجب اتفاق غير معلن بين منظمة التحرير الفلسطينية والسلطات. وتمارس الفصائل نوعاً من الأمن الذاتي داخل المخيمات.
وتحول بعض تلك المخيمات ملجأ لجماعات متطرفة ومجموعات خارجة عن القانون، إضافة إلى فصائل عسكرية متعددة المرجعيات.
– “تجاهل” قضايا حقوقية-
وفي تقرير أصدرته الخميس، أعلنت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية أن 27 مرشحاً ومرشحة من اجمالي 597 مرشحاً للانتخابات أعلنوا التزامهم بتعزيز حماية حقوق الإنسان في 10 مجالات، بينها حقوق اللاجئين.
وينتمي معظم هؤلاء المرشحين وفق المنظمة الى مجموعات مدنية تخوض الانتخابات للمرة الأولى.
وقالت نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة لما فقيه،”من المخيب للآمال ألا يقدم أي من الأحزاب اللبنانية المشاركة في الحكومة التزامات حقوقية قوية”.
والتزم “حزب الكتائب”، غير الممثل في الحكومة، وحده بالإصلاحات ما عدا تلك المتعلقة بحقوق اللاجئين، وفق المنظمة.
وتعتبر المنظمة أن البرلمان الذي تشارف ولايته الثالثة على الانتهاء لم يحرز أي تقدم على صعيد عدة قضايا حقوقية رئيسية.
وتدرك منال أن مهمتها ليست سهلة، وتطمح الى أن تضم ناشطين فلسطينيين ولبنانيين الى حملتها هذه.
وتقول “ردود الفعل ايجابية جداً، بغض النظر اذا كانت تؤيد الحملة أم تعارضها، بمجرد أن تفاعل الناس معها، أعتبر ذلك ايجابياً”، وتضيف “إنها حملة توعية ومن الطبيعي أن تُطرح الكثير من التساؤلات”.
(ليال أبو رحال/CATV)