غزة ـ «القدس العربي»: مع التقدم والتطور التكنولوجي والفكري الذي نشهده في الآونة الأخيرة، أصبح هناك كسر لحواجز العادات والتقاليد التي تتمسك بها العائلات، وأصبحت هناك عائلات تطلق مساحة كافية من الحرية للفتاة في ممارسة عملها وما ترغب به دون تقيدها بالعادات والتقاليد القديمة، خاصة وأن هناك مطالبات كثيرة بضرورة احترام المرأة الفلسطينية وإعطائها حقوقها في خوض غمار التجربة فيما تحلم به، في قطاع غزة ولأول مرة استطاعت بعض الفتيات الطموحات أن يغيرن النظرة السلبية لدى المجتمع الفلسطيني، ويعملن عارضات أزياء عبر مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام الحديث أسوة بالعارضات العالميات، ولكن ضمن ما يتفق مع عادات وتقاليد المجتمع المحافظة، وذلك لسهولة عملية التواصل وتبادل الآراء والصور والملفات مع ظهور التطبيقات الخاصة للهواتف الذكية، وبالنسبة للنظرة المجتمعية في الشارع الفلسطيني تقترن مهنة عارضة الأزياء بالفتاة المستهترة أخلاقياً، التي تظهر مفاتن جسدها وعرضها على مواقع التواصل الاجتماعي لزيادة نسبة البيع للملابس النسائية، إلا أن الفتيات الغزيات بذلن كل ما بوسعهن، وحاولن تغيير هذه النظرة السلبية من خلال كسر حاجز التحكم والممنوع وممارسة الهواية التي يرغبن بها، وذلك في ظل من يؤيد ويعارض هذا النمط الغربي الذي دخل المجتمع الغزى.
في السياق تقوم عارضة الأزياء الأولى في قطاع غزة ريهام الكحلوت 20 عاماً، على تشجيع الفتيات الغزيات على الالتحاق في مجال عرض الأزياء وفق الضوابط الدينية والأخلاقية، وذلك في خطوة للخروج من حياة العزلة والنظرة المجتمعية السلبية، حيث كان لعائلتها دعم كبير من خلال وقوفهم إلى جانبها وتشجيعها في الاستمرار بعملها طالما أنه ليس بعمل خاطئ أو مخل بالآداب بل في إطار الحدود الشرعية، حيث تلقت الكثير من العروض من معارض الأزياء، نظراً لأنها فكرة جديدة في غزة ولإعجابهم بها بإطلالة الفتاة التي تعطي رونقاً خاصاً للملابس التي ترتديها، الأمر الذي زاد إقبال المواطنين على شراء الملابس. 
وتبين ريهام في حديثها لـ»القدس العربي» أن نظرة المجتمع السلبية فيما يتعلق بالفتيات العارضات جعلتها تعانى من التعرض المستمر للانتقادات المجتمعية من حولها، خاصة من قبل صديقاتها وأقاربها وبعض المارة في الشوارع العامة، حيث تلقت ريهام الكثير من الانتقادات المعارضة والجارحة لكن رغم ذلك لم يحبطها أو يؤثر على هدفها، بل زادها قوة في الاستمرار وعدم التوقف في حين أنها تلقت قبولا ايجابيا مؤيدا للفكرة. 
وتضيف ريهام أن هناك عددا كبيرا من الفتيات يرغبن في خوض التجربة، لكن ظروفهن الاجتماعية والعائلية ترفض الخوض في التجربة، وذلك لحساسيتها السلبية من قبل المجتمع الذي يرفض هذا النموذج.
وتوضح ريهام أن طريقة عرض الأزياء تتم داخل محلات بيع الملابس النسائية، من خلال عرض المنتجات الجديدة من الملابس في جلسات تصويرية لعينات في مكان جميل ومناسب، ومن ثم يتم عرض هذه العينات من قبل أصحاب المحلات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لجذب الزبائن، حيث شكلت هذه الخطوة نموذجاً ناجحاً لأصحاب المحلات، من خلال إقناع الزبائن بالمنتجات بهذه الطريقة بدلاً من عرضها على المانيكان.
من جهتها تقول الفتاة الجامعية كفاح سعيد في حديثها لـ «القدس العربي» إن فكرة انتشار ظاهرة عارضات الأزياء مرفوضة في المجتمع الفلسطيني، ولكن إن كانت وفق ضوابط أخلاقية كمثال عروض الأزياء للثوب الفلسطيني الفلاحي والعبايات المستورة، هنا لا يوجد أي مشكلة في ذلك ولا يمانع إن كانت هذه الملابس يتم عرضها في صفحات خاصة للنساء فقط. 
حيث بينت كفاح أن تردي الأوضاع الاقتصادية وقلة فرص العمل وتزايد أعداد الخريجين في صفوف الفتيات، يدفع الفتاة إلى اللجوء للعمل في العديد من المجالات ولاسيما مجال عرض الأزياء، في ظل أن العمل بهذا المجال يكون له عائد مادي ايجابي، حيث تتقاضى عارضة الأزياء في كل جلسة تصوير 100 دولار وفق مصادر متخصصة في ذلك، ويعتبر ذلك بالنسبة للفتاة مصدر دخل وفير لها .
وفى ذات السياق ترفض الفتاة وفاء الفيري هذه الفكرة بشكل قاطع، وترى أن ذلك «يتنافى مع تعاليم الدين الإسلامي الذي يحفظ للمرأة عفتها، فجسد المرأة بمثابة العورة التي يجب سترها كما هو مطلوب في تعاليم ديننا، بالإضافة إلى أن ذلك خرق للعادات والتقاليد الفلسطينية القائمة على الشريعة الإسلامية».
وأشارت وفاء في حديثها لـ «القدس العربي» أن المجتمع الغزي محافظ وملتزم بعادات وتقاليد تخصه، وليس من السهولة قبول مهنة عرض الأزياء للفتيات التي من خلالها تقوم الفتاة بعرض نفسها وجسدها قبل عرض لباسها، حيث هناك العديد من التعليقات التي من الممكن أن تكون إيجابية من وجهة نظر الفتاة الممارسة للمهنة، ولكنها تعليقات على الفتاة نفسها وجمالها وليس لباسها.
وعلى الرغم من القبول الواضح من بعض الفتيات للخوض في هذه التجربة، إلا أن الشارع في قطاع غزة يرفضها بشكل كبير، حيث سبق أن أقيم في أحد فنادق قطاع غزة قبيل عام عرض أزياء بلباس التراث الفلسطيني هو الأول، لكن تعرض هذا لانتقاد كبير من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي، على الرغم من وجود الضوابط الشرعية والأخلاقية خلال العرض.

شارك مع أصدقائك
  • gplus
  • pinterest

أخر الأخبار

لا يوجد أخبار

أحدث التعليقات

    لا يوجد تعليقات

أترك تعليقاً