هذه هي قصتى مع الكويت الحبيبة

 

عزيزي القارئ الكل يعرف ان مسيرة الحياة تتطلب منا ان نسير في طريق بها الكثير من التعرجات .. من الارتفاعات والانخفاضات  من لحظات السعادة ولحظات الإحباط .. الكل يعرف هذا فهذه سنة الحياة ولن تجد لسنة الحياة تبديلا .

 

المشكلة هو اننا وحينما نصاب بخيبة امل نسكن داخل كهف الإحباط وتسيطر علينا حالة الانكسار ومن ثم نشعر وكأن الدنيا اظلمت في وجوهنا ومن ثم نأخذ في جلد

ذاتنا وتكبير اخطائنا و نقوم بلوم الاخرين وانهم دائما هم السعداء المحظوظين ونحن البؤساء المحسودين !! .. وفي غمرة هذا التخبط ننسى ايماننا و نتشكك في مشيئة الله لنا وننسى ان ما كتبه الله لنا سوف نحصل عليه مهما وقف الاخرون في وجهنا وان ما لم يكتبه الله لنا لن نحصل عليه مهما كان سهلا متاحا البعض قد يطلق على هذا نصيب الاخر يقول انه الحظ .. انا لا اريد ان اختلف في التسمية ولكن النتيجة واحدة ما كتبه الله لك ستناله وهنا يحضرني قول رسولنا الكريم الى ابن عباس “”... واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك،رفعت الأقلام وجفت الصحف تحت هذه المقدمة اود ان اذكر بعض القصص الشخصية الحقيقية والتي حدثت لى شخصيا خلال مسيرتي الطويلة في الحياة وأكرر بانها قصص حقيقية صادقة انا كنت بطلها وقد يكون شهود هذه القصص لا زالوا على قيد الحياة ,كل ما اتمناه عزيزي القارئ ان تقرأ هذه القصص بتمعن وتمحيص لتخرج من القصة بالمعنى والحكمة من ورائها ومن ثم تكون قد اضفت لخبرتك خبرة جديدة اكتسبتها بالاطلاع عليها من صاحبها الأصلي .

الكويت

قصة ذهابي الى الكويت في النصف الأول من خمسينات القرن الماضى كانت الدول الخليجية كالكويت والسعودية وقطر والبحرين تستعين بالمدرسين العرب ليقوموا بتعليم أبنائها .. وعليه فلقد كانت كل دولة خليجية ترسل بعثة تعليمية الى كل دولة عربية لديها وفرة من المدرسين مثل مصر والاردن وفلسطين والسودان..الخ حيث تقوم البعثة بمقابلة والتعاقد مع المؤهلين من هؤلاء المدرسين .. وهكذا كانت دولة الكويت ترسل كل عام بعثة تعليمية الى قطاع غزة في فلسطين وقد كان القطاع آنذاك تحت الإدارة المصرية اذ لم تكن نكسة عام67 قد حلت بعد كان الخريجون يتسابقون للعمل في دولة الكويت وذلك بالنظر الى المزايا الأكثر وخاصة الراتب والإقامة ..

الكويت

حينما تخرجت انا من كلية العلوم من جامعة أسيوط المصرية في حدود منتصف الستينات وبمجرد التخرج اتيحت لي فرصة العمل في ليبيا حيث كان ان فاتنى قطار الكويت .

كان العمل في ليبيا اقل تنظيما من العمل في الكويت وكذلك اقل راتبا بمقدار واضح رغم ان الأسعار في ليبيا اعلى منها في الكويت كذلك كان لوجود اخي محمد على)أ. د. محمد على الفرا الان ( والذي يكبرني والذي أيضا اعتبره بمثابة قدوة لي كان يعمل في الكويت أيضا في سلك التدريس بالإضافة الى مساهماته الكثيرة في اعداد وتقديم البرامج المختلفة في إذاعة الكويت ومن ثم كان بمثابة شخصية عامة معروفة للكثيرين ويحظى باحترامهم ..اذن والحال كذلك كانت امنيتى ان اذهب الى الكويت للعمل هناك .

المهم مرت الأيام وانتهت السنة الدراسية ومن ثم رجعت لأزور الاهل في مدينة خانيونس وهي المدينة الثانية بعد مدينة غزة وتبعد عنها حوالى 25 كيلومتر لاغير

. بعد يومين من حضوري اخبرتنى والدتي رحمها الله بان ابنة اخي نداء وهي في ذلك الوقت طفلة لم تتعدى بضع سنوات موجودة حاليا في مدينة غزة عند الجد والجدة ) من طرف الام ( رحمهما الله بينما قد سافر اخى محمد على وزوجته في رحلة سياحية .. ومن ثم فكان لزاما على ان أقوم بزيارة ابنةاخى الطفلة وهكذا اخذت بعض الهدايا البسيطة وتوجهت عصر احد الأيام الى غزة.. كان المنزل في حي الرمال بغزة الجديدة..وصلت الى هناك ومكثت مع الطفلة نداء بعضا من الوقت ومن ثم استأذنت الجدة ام عمر السراج رحمها الله في الانصراف والعودة لخانيونس .

الكويت

في طريق العودة وكنت اركب سيارتي الخاصة والتي احضرتها معي من ليبيا مررت بأحد الشوارع لاجد ان هناك جمهرة من الرجال متجمعين امام باب مدرسة وبدافع الفضول سألت المتجمعين عن السبب فقيل لي ان البعثة التعليمية الكويتية تقابل حاليا المرشحين للعمل تمهيدا للتعاقد معهم وان هذا اليوم هو اخر الأيام وان نتيجة المقابلات ستظهر بعد يومين . كان الوقت آنذاك قبل المغرب بدقائق قليلة .. ما سمعته دغدغ احلامي في العمل في الكويت وهكذا تكلمت مع الحارس وكان ضاحكا طيب المحيا فتشجعت وطلبت منه ان يسمح لي بالدخول لمقابلة البعثة فاعتذر لي ولكن وتحت رؤية علامات الإحباط و الحزن في وجهى قال لي بانه يجب ان يستشير البعثة برغبتى هذه وهكذا ذهب الى أعضاء اللجنة ليعود بعدها بقليل ويقودنى الى صالة كبيرة بها طاولة طويلة يجلس حولها اكثر من سبعة اشخاص هم أعضاء البعثة. جلست قلقا على الكرسي المخصص للمقابلة وهنا بادرني احد أعضاء اللجنة باخذ البيانات التعريفية عنى كالشهادة والجامعة والتخصص ..الخ المهم بعد اخذ البيانات العاجلة سألنى عضو اخر كان يجلس في نهاية الطاولة بسؤال عويص حيث قال لي انه من المفروض انك ستذهب لتدريس العلوم ولما كانت جميع مدارس الكويت بها مختبرات علمية حيث يقوم الاستاذ باجراء التجارب امام طلابه او ان يشرف عليهم في اجرائهم للتجارب والسؤال هو ماذا تفعل اذا كنت تقوم بتحضير غاز سام مثل غاز اول أكسيد الكربون مثلا وحدث تسرب للغاز من قارورة التحضير الى جو المختبر والطلاب امامك؟ أي كيف ستتصرف حينئذ كي لا يتسمم الطلاب؟

هنا اسقط في يدي وحاولت استيعاب الموقف بابتسامة عريضة ورحت اشرح له طريقة تحضير الغاز من حمض الفورميك وقلت له بالطبع ساقوم حالابمعالجة الامر وهنا ادرك احد أعضاء اللجنة اننى في مأزق صعب ومن ثم قام هو بالاجابة عنى حينما قال نفتح الأبواب والشبابيك لكى يتسرب الغاز خارجا وهنا ابتسمت مرة أخرى وكأننى اصدق على كلامه . بعد هذا السؤال شكرتنى اللجنة وطلبت منى الانصراف.

حينما خرجت وركبت سيارتي وطول الطريق وانا أقول لنفسي لقد اضعت فرصة العمر ولم يعد هناك أي امل لي للذهاب الى الكويت حيث اننى لم استطع الإجابة على السؤال الوحيد اليتيم .. وصلت خانيونس وانا افوض امري لله وأقول لنفسي معزيا اصل الكويت حارة جدا وليبيا ذات طقس

افضل !! بعد يومين وفي صبيحة يوم اعتقد انه كان يوم خميس اخبرني ابن اخي الأكبر وكان فتى يافعا بانه سيذهب لغزة وربما ان وجد بعض الوقت سيذهب لزيارة ابنة عمه نداء وهنا ومن باب رفع العتب وتحت شعار إجت منك يا جامع طلبت من ابن اخي وكان اسمه عمر بالمرور على المدرسة ومشاهدة نتائج المقابلات حيث انها تعلق على سورالمدرسة . بعد حوالى الساعتين فوجئت بمكالمة تليفونية منه ليخبرني ان اسمي قد ظهر ضمن الناجحين في المقابلات ومطلوب منى اناحضر صورة من الشهادة الدراسية واربع صور شمسية لتوقيع العقد مع البعثة الكويتية  اصابتى الدهشة وتملكتنى الفرحة ..كان الوقت ما قبل الظهر بقليل ومن ثم ذهبت من فوري لاحصل على صور فورية وذلك عن طريق الكاميرا الخشبية ) المنفاخ( ذات الثلاثة ارجل والتي كان يقوم بالتصوير بها العم أبو سمير شبير والذي اتخذ من سور المنتزة مكانا لكامرته الاثرية حيث يدخل يديه في كم اسود طويل بينما تكون احدى عينيه ملتصقة بفتحة في اعلى صندوق الكاميرا الخشبى ويظل يحرك المنفاخ والذي يحتوى في نهايته على عدسة لا تستجيب الا لقوة الشمس الساطعة لانها ضعيفة الحساسية المهم بعد عشر دقائق استغرقهافي قراءة جزء من سورة ياسين همسا. كي لا انحسد كما قال لي !!حصلت على اربع صور شمسية بالكاد تشبهنى رغم اننى حيث بدوت فيها احول العينين اشعث
الشعر.. مقطب الجبين !!
بعد الحصول على الصور واحضار شهادة التخرج ذهبت مسرعا الى غزة وهناك سلمت المطلوب الى سكرتارية اللجنة لتاخذني لرئيس اللجنة والذي قام بتوقيع العقد وهنأنى بذلك ومن ثم رجعت مسرعا الى خانيونس وانا أقول ما كتبه الله لك سيصلك مهما كانت الصعاب وان رزقكم في السماء وما توعدون
عزيزي القارئ
قد تقول انه حظ واننى محظوظ وانا اوافقك ولكن ايضا اقول انها ارادة الله فهو الذي الهمنى في ذلك اليوم ان اذهب لغزة وامر وانصرف من زيارتي في الوقت المناسب وامر في تلك الشوارع لاجد المدرسة وبها البعثة واجد ذلك العضو الذي اجاب عنى اي ان الله هو الذي هيئ كل هذه الظروف لكى احصل على الوظيفة والى قصة عمل اخرى

شارك مع أصدقائك
  • gplus
  • pinterest

أخر الأخبار

لا يوجد أخبار

أحدث التعليقات

  1. icezapowujaba
    2019-06-11

    http://mewkid.net/buy-amoxicillin/ - Amoxicillin Online Amoxicillin 500mg dgm.ytdt.honalondon.ca.owf.vw http://mewkid.net/buy-amoxicillin/

أترك تعليقاً