أطلق الفلسطينيون حملة شعبية مناهضة لـ "صفقة القرن" الأمريكية الساعية إلى حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في ظل اتهامهم واشنطن بالمس بالحقوق الفلسطينية التاريخية.
وتحمل الحملة الشعبية اسم "الحملة الوطنية لإسقاط صفقة القرن"، وتعتبر أول تحرك شعبي منظم لمناهضة الجهود الأمريكية.
وتأتي الحملة في ظل مواقف فلسطينية رسمية متشددة إزاء رفض الأفكار الأمريكية لحل القضية الفلسطينية.
وتشهد الحملة مشاركة واسعة من شرائح وقطاعات عديدة في المجتمع الفلسطيني، من "الشباب والطلاب والمرأة والأكاديميين والمثقفين وكتاب الرأي والسياسيين ورجال الدين والعشائر والقطاع الخاص"، بحسب بيان تعريفي.
وذكر بيان الحملة الذي تلقت وكالة أنباء "شينخوا" نسخة منه، أنها ستتضمن إطلاق "وثيقة رفض الصفقة" بعدة لغات ونماذج، على أن يتخلل ذلك خطوات عديدة ومراحل مختلفة للتحرك الشعبي الرافض للصفقة الأمريكية.
واعتبرت الحملة الشعبية أن "المشاركة في تنفيذ الصفقة الأمريكية بأي شكل من الأشكال أو الترويج لها يعد خيانة كبرى، والصمت والحياد أمام مخاطرها جريمة وطنية".
وقال أمين سر المجلس الثوري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" ماجد الفتياني، إن الحملة الشعبية تنطلق من "نضال الشعب الفلسطيني منذ عقود لاسترداد حقوقه وأرضه وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني أسوة بباقي شعوب الأرض".
وأضاف الفتياني لإذاعة "صوت فلسطين" الرسمية، أن الحملة تمثل ردا شعبيا فلسطينيا على الصفقة الأمريكية "التي تعد مؤامرة تهدف لتصفية القضية الفلسطينية ومنحازة كليا للاحتلال".
وذكر أن الحملة ستقوم على أوسع تحركات شعبية وجماهيرية مع قوى المجتمعين العربي والغربي وأحزابه حول العالم، لإيصال رسالة مناهضة للإدارة الامريكية ومن يشاركها في محاولة تمرير صفقة القرن.
وأشار إلى أن الحملة تحاول استنهاض الرأي العام الدولي لصالح القضية الفلسطينية، وحشد الدعم لوقف الاستفراد الأمريكي الحاصل في عملية السلام في الشرق الأوسط.
وقال الفتياني "سنتوجه إلى كافة المؤسسات والحكومات والبرلمانات الدولية والمؤسسات الحقوقية والهيئات المسؤولة عن الحفاظ على السلام والأمن الدولي، وكل أولئك الذين يحملون قيم السلام والعدالة في العالم لدعم الموقف الفلسطيني".
وتسرع الإدارة الأمريكية خطوات طرح صفقة القرن الساعية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وسط رفض فلسطيني.
وأعلن جاريد كوشنر مستشار وصهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قبل أيام أن طرح صفقة القرن الأمريكية سيتم "قريبا"، قائلا "نحن على وشك الانتهاء".
وأجرى كوشنر على رأس وفد أمريكي جولة في الشرق الأوسط شملت الأردن والسعودية وقطر ومصر إلى جانب الاحتلال لبحث خطة السلام الأمريكية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
ولم يعلن المسؤولون الأمريكيون أي تفاصيل رسمية بشأن مضمون صفقة القرن، لكن تقارير إسرائيلية تحدثت مرارا أنها ستتضمن عرض إعلان قرية "أبو ديس" شرقي القدس باعتبارها العاصمة الفلسطينية، مقابل انسحاب إسرائيلي من 3 أو 5 من القرى الفلسطينية المحيطة بالقدس.
وحسب التقارير الإسرائيلية لن تتضمن الصفقة أي اقتراحات بانسحاب إسرائيلي من المستوطنات القائمة أو من الكتل الاستيطانية الكبيرة وإبقاء منطقة الأغوار الفلسطينية تحت السيطرة الإسرائيلية مع إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح ومن دون جيش أو أسلحة ثقيلة.
ويشدد الأكاديمي والوزير الفلسطيني السابق علي الجرباوي لوكالة أنباء "شينخوا" على ضرورة التوحد فلسطينيا، شعبيا ورسميا، للعمل في مواجهة صفقة القرن الأمريكية وما تحمله من مخاطر ضد القضية الفلسطينية.
ويقول الجرباوي إنه "لا يمكن أن يتوفر نجاح للفلسطينيين في مواجهة القادم من المخاطر متمثلا بصفقة القرن الأمريكية فيما الانقسام مستمر داخل النظام السياسي الفلسطيني وبين الضفة الغربية وقطاع غزة".
ويضيف "يجب أن يتم استنهاض القوة الفلسطينية الذاتية خاصة فئة الشباب التي تشكل الأغلبية في المجتمع خاصة أن النظام السياسي الفلسطيني في وضعه الحالي هش ويحتاج إلى تمتين وتعزيز استنادا إلى الدعم الشعبي".
ويتابع، ان "هذا التمتين لن يتحقق بانطواء النظام على نفسه، إن كان في الضفة أو في غزة ليحارب معركة مصيرية مع الخارج، وهو يواجه تململاً من الداخل، بالعكس، يجب أن يقّوي النظام نفسه من داخله، وهذا لن يتحقق إلا بالانفتاح على شرائح المجتمع المختلفة، والاهتمام باحتياجاتها ليس المعيشية فقط، وإنما السياسية أيضاً".
ويشدد الجرباوي على وجوب "إيجاد بيئة مشاركة سياسية حقيقية للمجتمع الفلسطيني تنهي الاحتكار ومواطن الفساد وتوفر تحصين الجبهة الداخلية، وتُغلق الشقوق على من يريد التسلل عبرها من الخارج".
وكان أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، اتهم الإدارة الأمريكية بالتمهيد لإسقاط القيادة الفلسطينية بسبب موقفها الرافض لصفقة القرن، مجددا التأكيد على أن واشنطن "عزلت نفسها عن عملية السلام وأصبحت جزءا من المشكلة وليس الحل".
وتقاطع السلطة الفلسطينية الإدارة الأمريكية منذ إعلان ترامب في السادس من ديسمبر الماضي الاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال ونقل السفارة الأمريكية للقدس في 14 من مايو الماضي.
وتوقفت اخر محادثات للسلام بين الفلسطينيين والاحتلال في نهاية مارس من العام 2014 بعد تسعة أشهر من وساطة أمريكية لم تفض إلى أي تقدم لإنهاء الصراع المستمر بين الجانبين منذ عدة عقود.