توالت التعليقات في كندا منذ اندلاع الأزمة الدبلوماسيّة بين اوتاوا والرياض على خلفيّة حقوق الإنسان.
وكانت السعوديّة قد استدعت سفيرها لدى كندا وطردت السفير الكندي لديها دنيس هوراك، بعد ان أعربت الخارجيّة الكنديّة عن قلقها إزاء اعتقال نشطاء في الدفاع عن حقوق الإنسان في المملكة، ودعتها للإفراج عنهم فورا.
وأعلنت الرياض أنّها تجمّد كافة التعاملات التجاريّة والاستثمارات الجديدة مع كندا، وعن إخراج نحو من 15 ألف طلب سعودي يتابعون دراستهم في الجامعات والمعاهد الكنديّة إلى دول أخرى غير كندا، كما أوقفت الخطوط الجويّة السعوديّة رحلاتها المباشرة نحو مدينة تورونتو.
وفي تعليقها على الاجراءات السعوديّة، قالت وزيرة الخارجيّة كريستيا فريلاند إنّ كندا لن تتراجع عن موقفها في الدفاع عن حقوق الإنسان الذي تسبّب في الأزمة الدبلوماسيّة مع السعوديّة.
وجاء كلام فريلاند خلال مؤتمر صحافي عقدته أمس الاثنين في فانكوفر على هامش المؤتمر العالمي للتحالف من أجل المساواة في الحقوق المتعلّق بحماية حقوق مثليّي الجنس.
"دعوني أقول في البداية إنّه لا جديد في موقف كندا الداعم لحقوق الإنسان بما فيها حقوق المرأة حول العالم بما في ذلك السعوديّة، وقد دعمت حكومتنا باستمرار حقوق الإنسان على الساحة الدوليّة ودعمناها علنا وفي لقاءات خاصّة": وزيرة الخارجيّة الكنديّة كريستيا فريلاند.
وكندا تنتظر موقف السعوديّة وكيف ستمضي في علاقتها مع اوتاوا كما قالت الوزيرة فريلاند.
"نريد طمأنة الكنديّين إلى أنّ سفارتنا في السعوديّة ما زالت تواصل عملها وبإمكان أصحاب الأعمال والمسافرين أن يطمئنّوا إلى أنّ الحكومة الكنديّة موجودة على الأرض وقادرة على توفير الخدمات التي توفّرها للكنديّين حول العالم": وزيرة الخارجيّة كريستيا فريلاند.
وما زالت الحكومة تنتظر المزيد من التفاصيل حول كيفيّة تأثير العقوبات التجاريّة على الاتّفاقات الموقّعة بين البلدين كما قالت وزيرة الخارجيّة التي أكّدت أنّ السفير دنيس هوراك بخير دون أن تفصح عن مكان وجوده.
والسفير هوراك يمضي إجازته السنويّة في مدينة تورونتو التي وصلها قبل ثلاثة أسابيع كما أكّدت سي بي سي هيئة الإذاعة الكنديّة.
وتحدّث وزير المال الكنديّ بيل مورنو إلى الصحافيّين ظهر اليوم وأكّد أنّه من المهمّ التعريف بالقيم الكنديّة حول العالم.
"نريد التأكّد كيف هي قدراتنا التنافسيّة على نطاق واسع ولدينا كما تعرفون علاقات تجاريّة متينة حول العالم ونريد القيادة من خلال قيمنا": وزير المال بيل مورنو.
وأضاف الوزير مورنو أنّ الحكومة تدعم القيم البالغة الأهميّة للكنديّين وبإمكان السعوديّة أن تتّخذ الإجراءات التي تريدها"
`"رسالتي للكنديّين ولأصحاب الأعمال هي أنّ الاعمال جيّدة من وجهة نظر اقتصاديّة، ونحرص على مواصلة قدراتنا التنافسيّة، وهذه القضيّة بالتحديد هي قرار سعودي يستند إلى ردّهم على الطريقة التي يرى الكنديّون أنّها الأفضل للتعامل مع المواطنين وهذا هو تعاطي الحكومة المستمرّ مع الأمور": وزير المال بيل مورنو.
من جهة أخرى، تناولت الصحف الكنديّة في تعليقاتها الخلاف الدبلوماسي الكندي السعودي.
في صحيفة ذي غلوب أند ميل تساءلت البروفسورة بسمة مؤمني أستاذة العلوم السياسيّة في جامعة واترلو في تعليقها عن توقيت الخطوة السعوديّة، ورأت أنّها خطّ أحمر جديد رسمته المملكة لتأكيد هيمنتها.
والخطوة تلك هي بمثابة إشارة يرسلها وليّ العهد محمّد بن سلمان إلى العالم مفادها أنّ انتقاد السعوديّة والتدخّل في شؤونها الداخليّة لن يمرّ دون عواقب اقتصاديّة.
فالسعوديّة لا تمثّل تهديدا عسكريّا أو استراتيجيّا لكندا أو لدول الغرب، ولكنّها تستثمر في مشاريع بمليارات الدولارات، وكندا تريد حصّة منها قالت البروفسورة بسمة مؤمني في تعليقها في صحيفة ذي غلوب أند ميل.
وفي صحيفة لابريس كتب الصحافي بول جورنيه يقول إنّنا نؤيّد الانتقادات التي وجّهتها كندا للسعوديّة بقدر ما ننتقدها.
ورأت الصحيفة أنّ كندا محقّة في التنديد بالممارسات السعوديّة المهينة لكرامة الإنسان رغم أنّ كلمة "فورا" التي استخدمتها الخارجيّة الكنديّة في دعوتها للإفراج عن المعتقلين تخرج عن نطاق اللهجة الدبلوماسيّة حسب قول لابريس.
وتشير الصحيفة إلى عقد بنحو 15 مليار دولار وقّعته كندا مع السعوديّة لبيعها آليّات مصفّحة، رغم علمها بأنّ السلطات السعوديّة تقمع المنشقّين، وترى أنّ العقد يؤثّر في مصداقيّة كندا.
ولا يمكن التشكيك حسب لابريس في مصداقيّة وزيرة الخارجيّة الكنديّة التي عبّرت عن استيائها ممّا يتعرّض له الناشطون، بمن فيهم عائلة بدوي.
ولا يمكن لرئيس الحكومة جوستان ترودو أن يتراجع عن العقد الذي وقّعه رئيس الحكومة السابق ستيفن هاربر، علما أنّ إلغاءه لن يغيّر شيئا في الوضع القائم في السعوديّة كما تقول صحيفة لابريس التي ترى في ختام تعليقها أنّه سيأتي وقت تدفع فيه كندا ثمن مبادئها.
(راديو كندا الدولي/سي بي سي/هيئة الإذاعة الكنديّة)