ما زالت التعليقات والتحليلات تتوالى بعد أسبوع على اندلاع الخلاف الدبلوماسي بين كندا والسعوديّة.
وما زالت العديد من علامات الاستفهام مطروحة حول الموقف السعودي الذي وصفه الكثيرون بأنّه مستغرب ومفاجئ.
الدكتور جابر فطحلي أستاذ القانون الدولي والمقارن في جامعة اوتاوا يرى في حديث أجريته معه أنّ الموقف السعودي مفاجئ ومتطرّف وغريب في العلاقات الدبلوماسيّة.
ويمكن فهم القرار السعودي والاجراءات التي تلته في إطار سياقات عديدة كما يقول ضيفي، في طليعتها واقع النظام السعودي مع دخول السعوديّة في العديد من الحروب والنزاعات، من التدخّل في العراق وسوريّا، إلى الحرب في اليمن، وهي كلّها تدخّلات ارتدّت عليها سلبا كما يقول الدكتور جابر فطحلي فضلا عن التوتّر مع نظام الرئيس أردوغان في تركيّا.
ويشير إلى محاولة الاستثمار السعودي في الديمقراطيّة، ويصفه بالاستثمار المزيّف، بدليل اعتقال نشطاء الدفاع عن حقوق الإنسان، وعن حقوق المرأة في المملكة.
والنظام السعودي في مازق وفاقد الثقة بنفسه وهذا ما يفسّر الموقف الذي اتّخذه من كندا ، و هو موقف يرى فيه الدكتور فطحلي نوعا من إثبات الوجود ، ودليل ضعف كما يقول.
ويتابع مشيرا إلى السياق الثاني لفهم الموقف السعودي، والذي سعت من خلاله الرياض إلى إسكات الأنظمة الأخرى عن طريق كندا، ودفعها لعدم تناول موضوع حقوق الإنسان في السعوديّة.
والسياق الثالث هو الضغط الذي يمارس على الحكومة الكنديّة الليبراليّة برئاسة جوستان ترودو خاصّة أنّ سياسة ترودو لا تعجب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لا سيّما في مجالات الهجرة والدفاع عن حقوق الأقليّات، فضلا عن الخلاف المتعلّق بااتّفاق لتبادل التجاري الحرّ بين دول أميركا الشماليّة.
ويستبعد الدكتور فطحلي أن تكون السعوديّة قد اتّخذت هذا القرار بحقّ كندا دون إذن من البيت الأبيض كما يقول، للضغط على حكومة جوستان ترودو مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعيّة في كندا خريف العام المقبل.
ويرى أنّ ثمّة منحى لإضعاف الحكومة الليبراليّة ودعم حزب المحافظين، ويشير إلى الزيارة التي قام بها مؤخّرا رئيس حكومة المحافظين السابقة ستيفن هاربر إلى واشنطن، والتي لم تهدف إلى البحث في الخلاف حول اتّفاق التبادل الحرّ المسمّى "نافتا" بين دول أميركا الشماليّة كما يقول الدكتور جابر فطحلي.
والاجراءات التي اتّخذتها السعوديّة ليست مكلفة كثيرا لها لأنّ حجم التبادل التجاري محدود بينها وبين كندا، ولا يرقى إلى مستوى العلاقات مع دول أوروبيّة مثل ألمانيا وفرنسا.
ويتوقّع الدكتور جابر فطحلي أن تستمرّ الأزمة مشيرا إلى خبرة السعوديّة في إطالة الأزمات، وإلى أنّها لن تخسر شيئا على أيّ حال.
وكندا من جهتها، ستسعى لإعادة العلاقات الطبيعيّة مع السعوديّة، ولكن دون أن تتراجع عن موقفها في الدفاع عن حقوق الإنسان ودون أن تقع في الابتزاز السعودي كما قال الدكتور جابر فطحلي أستاذ القانون الدولي والمقارن في جامعة اوتاوا في ختام حديثه للقسم العربي.