البحرين بلد الاخلاق والحب والجمال
قصة البحرين
في أغسطس عام 1982 حصلت على درجة الدكتوراه في التربية من جامعة ايست انجليا البريطانية ومن ثم كنت على وشك التعاقد مع جامعة الكويت ولكن الأمور لم تسير كما يرام نتيجة دسيسة قام بها احد ممن كنت اعتبره صديقى هذا وسوف اكتب عن هذه القصة لاحقا.
نتيجة لضياع فرصة تعاقدي مع جامعة الكويت فقد تعاقدت في شهر سبتمبر من نفس العام مع إدارة التعليم التطبيقى والتدريب بدولة الكويت بوظيفة دكتورا محاضرا في المعهد المذكور. وهو معهد متوسط يدخله الطلاب الناجحون في الثانوية العام ويتخرجون بعد سنتين . وهكذا سارت بي الأمور اذهب الى محاضراتي واجهد نفسى في تجويد هذه المحاضرات و شد انتباه الطلاب واقبالهم على التسجيل في المجموعات التي ادرسها . والحقيقة اننى نجحت في هذا بشهادة المسؤلين وثناءهم فلقد اصبح من الصعب ان تجد مكانا شاغرا في أي مجموعة ادرس لها وحضور الطلاب يكاد يكون كاملا دائما. كذلك دعيت من قبل إدارة المعهد لاداء او المشاركة في الندوات العامة التي يقيمها المعهد النشط من ان لاخر ويدعو اليها كبار الشخصيات من التخصصات المختلفة مثل الشعراء والكتاب والاقتصاديين والأطباء والمهندسين والعلماء . وهكذا سارت الأمور شهرا بعد اخر وانا مستمر في عملي ولكن وبعد ستة اشهر ونصف أي في النصف الثاني من شهر فيراير من عام 1982 فوجئت بوصول رسالة لي من الدكتور سيدون وهو الدكتور الإنجليزي الذي اشرف على رسالتى لدرجة الدكتوراه يخبرني فيها بان هناك مستشاريا تربويا بريطانيا ويعمل مع المعهد البريطاني لما وراء البحار ( لا يحضرني الان اسمه رغم انه كان احد الممتحين الخارجيين لتقييم او تقويم رسالتى لدرجة الدكتوراه) يفكر في زيارة دول منطقة الخليج العربي ومن أهمها دولة الكويت للاطلاع على النهضة التربوية في مؤسساتها العالية ومن ثم يطلب منى تسمية بعض المراكز والمؤسسات العلمية الكويتية ذات العلاقة
الواقع اننى سعدت بهذه الرسالة ومن ثم أرسلت الرد بسرعة شاكرا للدكتور سيدون ثقته بي ومن ثم اقترحت بعض الأماكن مثل جامعة الكويت ومؤسسة الكويت للتقدم العلمي ومعهد الكويت للأبحاث العلمية ومعهد المعلمين والمعلمات والنادي العلمي ..الخ
بعد حوالى أسبوع جاءتنى رسالة أخرى من الدكتورسيدون يخبرني بانه تم الاتصال بالجهات الكويتية المسؤلة وان دولة الكويت ستستضيف المستشار البريطاني استضافة تامة لمدة خمسة أيام والمطلوب منى مرافقته الى الأماكن التي سيزورها. بالطبع كانت سعادتي واضحة وانا ارافق هذا الضيف رفيع المستوى حينما حضر في الأسبوع الاول من شهر مارس 1982 واقضى معه بعض الوقت كل يوم لنضع خطة الزيارات لليوم التالى , وهكذا سارت الأمور بكل سلاسة وإمتاع .في مساء اليوم الرابع اقمت له حفل عشاء في مطعم درة الخليج وكان من اشهر الأماكن في الكويت ومن فئة خمسة نجوم ودعوت الى هذا الحفل اخي الدكتور محمد على وبعضا من اقربائي وكذلك عددا من زملائي الدكاترة في المعهد والجامعة حيث كان الحضور في حدود الخمسة عشر شخصا فقط.
بعد انتهاء الحفل ومرافقتى للمستشار في طريق عودته لفندق الهيلتون حيث كان يقيم قال لي بانه غدا مساء سيترك الكويت ومن ثم يود ان احضر له على الفندق بعد الظهر وليس صباحا لامر يود اطلاعي عليه .
عدت الى منزلى تلك الليله وانا اسأل نفسي ترى ما طبيعة الامر الذي سيطلعنى عليه هل هو يتعلق بمشروع بحثى بين احدى المؤسسات التي زارها في الكويت وجامعة ايست انجليا او أي مؤسسة بريطانية أخرى خاصة بانه طرح هو هذا الاقتراح اثناء زيارته لمؤسسة الكويت للتقدم العلمي ومن ثم سيطلب منى ان أكون منسقا للمشروع ام هل سيطلب منى تسويق فكرة مؤتمر تربوي تتبناه احدى المؤسسات العلمية الكويتية او..او.. وخطر على بالى كذلك ان ابيح له واخبره باننى لم انجح في التعاقد مع جامعة الكويت نتيجة معلومات خاطئة عنى ومقصودة من قبل ذلك الشخص المشار اليه انفا ومن ثم يستطيع هو فتح ملفي مرة أخرى وباعتباره احد الممتحنين لرسالتى ومن ثم فهو يعرف طبيعتها تماما .. المهم اننى وباشتياق كبير انتظرت موعد لقائى به حيث ذهبت في الموعد تماما لافاجأ به ينتظرني في بهو الفندق وقد اخرج حقائبه من غرفته تمهيدا للرحيل .
في تلك المقابلة الوداعية القصيرة سألنى مباشرة هل تحب العمل في جامعة البحرين وكانت تسمى آنذاك كلية البحرين الجامعية .. تفاجأت بهذا السؤال وقلت له انا لا اعرف شيئا عن البحرين فهل هي افضل من الكويت مثلا ؟ وبدون تردد قال نعم والبيئة هناك اكثر حميمية وهم محتاجون لتخصصك . اجبته بالإيجاب وشكرته على عرضه ومن ثم قال لي اكتب رسالة الان الى رئيس الجامعة توضح فيها رغبتك بالعمل هناك وساخذ طلبك معى لاقدمه بنفسي . بالفعل كتبت الرسالة واعطيته إياه ثم ودعته ورجعت الى منزلى بمشاعر متناقضة واحلام مبهمة .
بالطبع سارت الأيام ودارت عجلة الأيام وانا على رأس عملى في معهد المعلمين وقد اصبح لى بعض الحظوة خاصة أولئك الذين حضروا حفل العشاء واطراء المستشار لى الى ان جاء يوم الأول من شهر ابريل من نفس العام وكان عندنا اجتماع القسم الدوري ليفاجاء رئيس القسم برن جرس الهاتف ثم يقول د. عبد الله تعال رد على التليفون وبالفعل قمت من مكاني لارد على الهاتف واذا بي اكتشف ان الطرف الاخر يقول لي " انا اكلمك من البحرين وانا مدير مكتب رئيس جامعة البحرين واسألك هل استلمت الرسالة التي ارسلناها لك من أسبوع فقلت لا لم استلم شيئا ولكنى ساذهب اليوم لصندوق بريدي الخاص لأتاكد . انتهت المكالمة القصيرة ولكن حينما إنتهيت منها اصبح جميع أعضاء القسم على علم بان شيئا ما بخصوص العمل في جامعة البحرين قد تم بالنسبة لي .. في عصر ذلك اليوم ذهبت للبريد ولكن لم اجد شيئا ومن هنا قلت ان ما حدث هو كذبة نيسان اذ حدث لى مثل هذا من قبل وخاصة من احد اقربائي حينما جعلنى اذهب لمطار الكويت لاستقبال قريب لي وبالطبع لم اجد ذلك القريب بل كانت كذبة نيسان !!
رجعت المنزل وانا اضحك على نفسي الساذجة التي تصدق كل شيء وانتهى الموقف لأتفاجأ بعد يومين بوصول الرسالة والتي يطلبون فيها صور الشهادات العالية التي املكها على ان تكون مصدقة ومن ثم تعبئة الرغبة للعمل بجامعة البحرين وهكذا فعلت وارسلت الرد وأصبحت امنى النفس بالعمل في جامعة البحرين .
بحلول نهاية شهر مايو 1982 انتهى العام الدراسي في الكويت وأصبحت ادرس كورسا صيفيا في معهد المعلمات بكيفان وبالطبع لم اسمع شيئا من البحرين الى ان كان ظهر احد الأيام وقد كنت عائدا لتوي من معهد المعلمات ليرن جرس هاتف المنزلى ليقول لى المتكلم على الطرف الاخر مبروك دكتور عملك بجامعة الكويت وان هذه الخطوة العظيمة تستحق التهنئة وبكل قوة وحينما سألته عفوا من انت ؟ قال لي انا الدكتور زيان محمد زيان وقد حضرت بالأمس مساء من البحرين حيث اعمل في الجامعة هناك وقد قال لي مدير الجامعة بانك لن تحضر لجامعة البحرين لانك وكما اخبره الدكتور : م.ص. (وكان يعمل مفتشا بوزارة التربية الكويتية وذهب الى البحرين منذ بضعة أسابيع ليحضر مؤتمرا علميا هناك ممثلا لدولة الكويت ) حيث قال للدكتور جليل العريض وهو اسم رئيس الجامعة, بانك تعاقدت مع جامعة الكويت ومن ثم فلن تحضر مما اثار حفيظة الدكتور جليل وقال كان من الذوق ان يقوم الدكتور الفرا بالاعتذار للجامعة . حينما اكمل الدكتور زيان كلامه المثير اخبرته باننى لم اتعاقد مع جامعة الكويت او أي مكان اخر وان رغبتى لا زالت في العمل في البحرين ومن ثم هناك دسيسة كاذبة في هذا الامر وهنا نصحنى بان اتصل حالا بمكتب الدكتور جليل واخبره بالحقيقة وقال لي اتصل الان فهم مداومون الان .
أقفلت الهاتف واتصلت فورا بمكتب المدير لاجد الدكتور جليل نفسه على الطرف الأخر وهنا أفهمته القصة وان ما اخبر به هو خبر كاذب . شعرت بفترة صمت قاتله ليقول لي للأسف نحن تعاقدنا مع دكتور اخر ولكن اذا كنت لا زلت راغبا للعمل عندنا فسوف اخبرك بعد أسبوع عن قرارنا الأخير.
انتظرت الأسبوع على احر من الجمر وانا اوكل امري لله وأقول لو اجتمع اهل الأرض جميعا على ان يمنعوا عنك شيئا أراده الله لك لن يستطيعوا المهم بعد أسبوع اتصل مدير مكتب رئيس بالجامعة وقد ردت عليه زوجتى اذ لم اكن في المنزل فابلغها بان الجامعة يسعدها التعاقد معى ومن ثم المطلوب منى ان اذهب بعد غد الى سفارة البحرين بشارع الاستقلال واخذ معي جواز سفرى .
بالفعل توجهت لسفارة دولة البحرين وهناك تم توقيعى على عقد العمل المرسل من البحرين عن طريق الحقيبة الدبلوماسية وقامت السفيرة او الملحقة الثقافية هناك بتصوير وثيقة سفري المصرية وطبعت عليها فيزا الدخول للبحرين وهنا سألت المسؤلة المبجلة :كما ترين انا احمل وثيقة سفر مصرية وانا اعرف ان البحرين لا تمنح فيزة لحاملى هذه الوثيقة فقالت لي اطمئن ان والد الدكتور جليل هو الأستاذ إبراهيم العريض مستشار اول الشيخ عيسى ال خليفة امير دولة البحرين ( رحمه الله) المعظم وانه أي الأستاذ إبراهيم العريض علما من اعلام البحرين بل الخليج العربي كله فهو قام مثلا بترجمة رباعيات الخيام من الفارسية الى العربية ومن ثم اطمئن فانت أصبحت الان تمتلك فيزة صالحة لدخول دولة البحرين التي يسعدها استقبالك .
من الجدير بالذكر انه اثناء هذه الفترة الحرجة قد من الله علينا انا وزوجتى اول مولود ذكر اسميناه محمد تيمنا باسم رسولنا الكريم وقد قدم الابن محمد بعد انتظار طويل رزقنا خلاله بأربعة بنات هن الأستاذة جيهان والكتورة ربا والصيدلانية ليما والمدرسة انجي
في يوم الأول من شهر أكتوبر وبعد حفلة وداع أقامها لى أبناء عائلتى الكرام وكانت أيضا في مطعم درة الخليج سافرت البحرين لاجد لجنة من الجامعة في استقبالى حيث نقلت من المطار الى فندق الهوليدى ان بمدينة البحرين . ليحضر بعد ساعة من وصولي الى هناك بعض اقاربي الذين كانوا يعملون في سلك التدريس بالبحرين . والى قصة أخرى باذن الله
