الحكومة الكنديّة غير ملزمة بالتشاور مع السكّان الأصليّين قبل سنّ القوانين، حسبما ورد في حكم صادر عن محكمة كندا العليا.
فقد صدر الحكم بموافقة أغلبيّة أعضاء المحكمة، وبموافقة سبعة من أصل تسعة قضاة في أعلى سلطة قضائيّة في البلاد.
وكانت قبيلة ميكيسو كري Mikisew Cree للأمم الأوائل في شمال مقاطعة البرتا قد اشتكت من أنّ حكومة المحافظين السابقة لم تقم باستشارة السكّان الأصليّين عندا أصدرت مشاريع قوانين تتعلّق بالصيد والملاحة والأنواع المعرّضة للخطر.
ورأت القبيلة في ذلك انتهاكا لحقوق الأمم الأوائل التي تحميها المعاهدات، وقضت محكمة فدراليّة بوجوب استشارة السكّان الأصليّين.
لكنّ محكمة استئناف فدراليّة نقضت الحكم، انطلاقا من مبدأ الفصل بين السلطتين التنفيذيّة والتشريعيّة.
وتؤكّد محكمة كندا العليا في قرارها أنّ من واجب الحكومة أن تتشاور في بعض الحالات و أن "تتصرّف بشرف" تجاه الأمم الأوائل، عندما يتعلّق الأمر بتنظيم حقوقهم، دون أن تعطي المزيد من التفاصيل حول ما يعنيه "التصرّف بشرف".
يقول ايرول مانديس أستاذ الحقوق في جامعة اوتاوا إنّ ثمّة حالات مختلفة عن سواها ويعطي مثالا على ذلك القرارات المتعلّقة بتوسيع أنبوب ترانس ماونتن لنقل النفط من مقاطعة البرتا نحو مدينة فانكوفر في مقاطعة بريتيش كولومبيا.
ويشار إلى أنّ محكمة استئناف فدراليّة ألغت مرسوما يجيز تنفيذ مرسوم توسيع الأنبوب، كما أنّ الحكومة الكنديّة أعطت المكتب الوطنيّ للطاقة مهلة لإعادة تقييم المشروع خصوصا لجهة تداعياته المحتملة على البيئة.
يقول ايرول مانديس أستاذ القانون الدستوري في جامعة اوتاوا في حديث لتلفزيون سي بي سي هيئة الاذاعة الكنديّة إنّ القرار الصادر عن محكمة كندا العليا يتعلّق بحالات معيّنة، وثمّة حالات أخرى مختلفة كما يقول، ويعطي مثالا على ذلك مشروع القانون المتعلّق بتوسيع أنبوب ترانس ماونتن لنقل النفط من مقاطعة البرتا نحو مقاطعة بريتيش كولومبيا المجاورة والمطلّة على المحيط الهادي.
"نحن هنا بصدد عمل السلطة التنفيذيّة التي أوكلت المهمّة إلى المكتب الوطنيّ للطاقة الذي يتّخذ قرارات بشأن قضايا مرتبطة بواجب التشاور. وهذا مجال تنفيذي ووجوب التشاور يُطبّق في هذه الحالة ورأت المحكمة الفدراليّة أنّ السلطة التنفيذيّة لم تلتزم به بشكل صحيح": ايرول مانديس أستاذ القانون الدستوري في جامعة اوتاوا.
ويضيف مانديس بأنّ الحكومة اكتفت بالإصغاء إلى شكاوى السكّان الأصليّين وتسجيلها، ورأت المحكمة العليا أنّ الاستشارات مع السكّان الأصليّين بشأن مشروع توسيع أنبوب ترانس ماونتن لم تكن ملائمة، ودعت الحكومة إلى إدخال تعديلات عليه.
ورأى البروفسور ايرول مانديس في ذلك خطوة مهمّة ولكنّها محصورة بالسلطة التنفيذيّة ، خلافا للقرار الأخير الصادر عن محكمة كندا العليا والذي يتعلّق بالعمليّة التشريعيّة و بإصدار التشريعات.
"نحن هنا بصدد مبادئ دستوريّة أساسيّة قديمة تتعلّق بالفصل بين السلطات، و سيادة البرلمان والامتياز البرلماني. و يجادل السكّان الأصليّون بأنّه رغم هذه المبادئ، يتعيّن خلال صياغة التشريعات، أن تصغي الحكومة إلى مطالبهم ": ايرول مانديس أستاذ القانون الدستوري في جامعة اوتاوا
ويرى البروفسور مانديس أنّ محكمة كندا العليا لم تحدّد بوضوح المقصود بأن "تتصرّف الحكومة بشرف" وأن تستشير السكّان الأصليّين في بعض الحالات.
ويفتح الغموض الباب أمام تأويلات كثيرة ويطرح تحدّيات بشأن تحديد الاعتبارات العمليّة للمبدأ القديم المتعلّق بالفصل بين السلطات الذي أشارت إليه المحكمة.
(راديو كندا الدولي/ سي بي سي/ راديو كندا)