ما زالت قضيّة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي تحتلّ حيّزا من الاهتمام في كندا وسواها من دول العالم.
وبالأمس، أكّد رئيس الحكومة الكنديّة جوستان ترودو أنّ مسؤولين في وكالة الاستخبارات الكنديّة استمعوا إلى تسجيلات تتعلّق بمقتل خاشقجي، وقد اطّلع بنفسه على مضمونها ولكنّه لم يستمع إليها.
وكان رئيس الحكومة يردّ على أسئلة الصحفيّين على هامش مشاركته في باريس في مراسم الذكرى المئويّة على هدنة الحرب العالميّة الأولى.
"لقد عملت وكالة الاستخبارات الكنديّة عن كثب حول هذه القضيّة مع وكالة الاستخبارات التركيّة، واطّلَعَت كندا على ما تقاسمته تركيّا، وقد أجريت مكالمة هاتفيّة مع الرئيس أردوغان قبل أسابيع قليلة، وتبادلنا هنا في باريس بصورة وجيزة وشكرته على تعامله الصلب مع قضيّة خاشقجي": رئيس الحكومة الكنديّة جوستان ترودو.
وجاء قتل الصحفي جمال خاشقجي في ظلّ توتّر في العلاقات الكنديّة السعوديّة، على خلفيّة الانتقادات التي وجّهتها اوتاوا للرياض في مجال حقوق الإنسان.
وأعاد قتله إلى الواجهة الجدل المثار في كندا حول صفقة بيع أسلحة من كندا إلى السعوديّة، وارتفعت من جديد أصوات تدعو إلى إلغائها.
يقول دانيال تورب النائب الفدرالي السابق وأستاذ الحقوق في جامعة مونتريال إنّه كان بودّه أن يستمع إلى هذه التسجيلات حول مقتل الصحفي السعودي الذي تبيّن أنّه قُتل داخل القنصليّة السعوديّة في اسطنبول.
"مرّة أخرى، هنالك المزيد من الأدلّة على أنّ السعوديّة لا تبالي بحقوق الانسان وبحريّة التعبير وبحقّ مواطنيها في الحياة، والأدلّة تتراكم بأنّ السعوديّة دولة لا ينبغي بيعها الأسلحة لأنّ ثمّة خطرا في أن تستخدمها لانتهاك حقوق الانسان": دانيال تورب أستاذ الحقوق في جامعة مونتريال.
ويشير تورب إلى أنّه رفع القضيّة أمام المحكمة العليا للبحث في احتمال أن تستخدم السعوديّة السلاح المباع من كندا لانتهاك حقوق الانسان، والأدلّة على انتهاك السعوديّة لحقوق الانسان كثيرة ، وكان آخرها قتل الصحفي جمال خاشقجي، وسجّلّها معبّر بحدّ ذاته كمت قال دانيال تورب.
"قتل الصحفي جمال خاشقجي يضاف إلى هذا السجلّ، فضلا عمّا جرى في اليمن اليوم حيث تمّ قصف المستشفيات واستدعى إجلاء المرضى والأطبّاء.فهل تحتاج الحكومة الكنديّة إلى المزيد لتعليق أو إلغاء عقد الأسلحة لأنّه ينبغي الغاؤه": دانيال تورب أستاذ الحقوق في جامعة مونتريال.
وحكومة جوستان ترودو تتلكّأ في اتّخاذ قرار بهذا الشأن كما يقول تورب ويضيف بأنّ ألمانيا قرّرت تعليق بيع الأسلحة للسعوديّة كما أنّ سويسرا اتّخذت اجراءات لمنع تصدير معدّات عسكريّة سويسريّة الصنع إلى المملكة.
وكان رئيس الحكومة جوستان ترودو قد قال في وقت سابق وقبل قتل الصحفي إنّ كلفة فسخ العقد الذي وقّعته حكومة المحافظين السابقة مع السعوديّة ستكون باهظة وتصل إلى مليارات ال دولارات، وهو ما يريد ترودو أن يتجنّبه كما قال.
يقول تشارلز أدلر الصحفي الكندي من فانكوفر في حديث لتلفزيون سي بي سي هيئة الاذاعة الكنديّة إنّ ثمّة بعدا أخلاقيّا للموضوع وعلينا أن نذهب أبعد من الأعمال.
"إن كانت كندا أكثر من مجرّد أعمال وآمل أنّنا كذلك، علينا بدون شكّ أن نقوم بما قامت به ألمانيا وسويسرا وما تستعدّ دول أخرى للقيام به، وعلى كندا أن تتوقّف عن التعامل مع السعوديّة": الصحفي الكندي تشارلز أدلر.
ودوما في السياق نفسه، يشير الدبلوماسي الكندي السابق فيري دو كيرشكوف في حديث لتلفزيون راديو كندا إلى ما يسمّيه لعبة دبلوماسيّة يمارسها الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان، الذي يستفيد من قضيّة قتل الصحفي السعودي لكسب أوراق خسرها في قضيّة القسّ الأميركي الذي كانت تحتجزه بلاده.
ويشير دو كورشكوف إلى اليد التركيّة الممدودة نحو ألمانيا، وإلى الضغط الذي يمارسه الرئيس أردوغان على السعوديّة ليتمكّن من استجواب 15 سعوديّا ضالعين في قتل الخاشقجي، كما أنّه يمدّ يده نحو كندا.
"هنالك محاولة للتقرّب من كندا بما يتيح لها القول إنّها استمعت إلى التسجيلات ، وهي محاولة من أردوغان ليقول لكندا إنّ السعوديّة أساءت معاملتها وهو يريد أن يعطيها ورقة لتعزّز ردّها على المملكة": الدبلوماسي الكندي السابق فيري دو كيرشكوف.
يبقى أن نشير إلى أنّ قيمة الصفقة الموقّعة عام 2014 مع السعوديّة تبلغ 15 مليار دولار ويتمّ تصنيع الآلات المدرّعة في مصانع جنرال لاند ديناميكس سيستمز في مقاطعة اونتاريو.
(راديو كندا الدولي/ سي بي سي/ راديو كندا)