ها قد بدات سنة جديدة فكل عام وانتم جميعا بخير . لقد جرت العادة ان نتمنى ان يكون العام الجديد افضل ممن سبقه ومن ثم فانا أتمنى نفس هذا الشئ لكم . ولكى تتحقق هذه الأمنية وانا اقصد هنا على المستوى الشخصى  وبالتحديد للأشخاص كبار السن مثل حكايتى .

  لا أبالغ حينما أقول نحن وفي هذا السن نشعر بالملل والرتابة المقيته  حيث ان الغالبية العظمى منا حاليا متقاعد ولا يعمل شيئا  ومن ثم فانه يجد الكثير من الوقت الممل الذي يسبب  له الرتابة والضجر  ويزداد الامر تعقيدا اذا ما كان الجلوس في المنزل قد احتل  معظم  هذا الوقت وبالتاكيد  يصبح الامر كارثيا حينما يأتي الشتاء ببرده القارص وانعدام دفئه  وندرة شمسة وكثرة ضبابه ومن ثم يصبح البقاء في المنزل يحتل الغالبية العظمى من الوقت . وفي مثل هذه الحالة يتحول الضجر والملل الى الاكتئاب وضيق الخلق مما يؤدى الى   حدوث الكثير من المشاحنات العائلية سواء مع الأولاد  صغارا او حتى كبارا والذين  اصبحنا نقول عنهم انهم أولاد مشاكسون  وانهم لا يسمعون الكلام ولا يقدرون النصيحة  او ان تكون المشاحنة مع الزوجة والتي  اصبح  وجود الزوج المتقاعد  وكما تقول هي  يسبب لها الكثير من الازعاج فهو أي الزوج يكون كثير الطلبات  وكثير التعليقات ويتدخل في أي عمل تقوم به الزوجة سواء الغسل او الطبخ او حتى ترتيب الأغراض  فهو يكثر من اصدار التعليمات  وقد يلذ له الشخط والصراخ  وباختصار تصبح الحياة  الاسرية في مثل هذا الجو حياة قاسية تعيسة .ومن ثم  ينبغي علينا ان نفكر في وسيلة ما او خطة  تخرجنا من هذه التراجيديا  وعندها يصبح من المعقول ان نتمنى سنة سعيدة اسعد مما سبقها من سنين .

واقع الحال يقول انه من الممكن تغيير هذا الحال وتحويل أيامنا الى أيام أخرى اكثر اشراقا واسعد حالا فيما لو كانت عندنا الإرادة الجادة للتغيير . ان نظرة  تحليلية سريعة لأشخاص في مثل سننا من الجاليات الأخرى وخاصة الجاليات الاوروبية وكيف يقضى هؤلاء الناس اوقاتهم  وبوجه عام سوف نجدهم اكثر سعادة منا وترى وجهوهم مستبشرة ضاحكة بعكسنا فنحن ومعظم وقتنا ذو وجوه جادة او مقطبة  واذا ما ضحكنا او بالأحرى سرقنا الضحكة فاننا سرعان ما نعود الى رشدنا قائلين"  اللهم اجعله خير" وكأن الضحك ليس خيرا .

 المهم ان حالتنا النفسية السيئة ترجع وبشكل رئيسى الى حالة الاكتئاب والتي  خلقناها بانفسنا ومن ثم سيطرت علينا    ونسينا اننا محظوظين ويجب ان نحمد لا نضجر

    اي هذا الشاكي وما بك داء     كيف تغدو اذا غدوت عليلا       وترى الشوك في الورود وتعمى    ان ترى فوقها الندى اكليلا 

   اي هذا الشاكي وبك داء   كن جميلا تر الوجود جميلا 

                   

والواقع يقول ان هناك في بلداننا العربية الام من هم احق  منا بهذا الاكتئاب والقلق والضجر وعدم الرضا  اما نحن هنا في كندا  فنحن والحمد لله نعيش في امن وامان  ولا نعيش في خوف  من عدم وجود عمل للأولاد أوعدم وجود الرعاية الصحية المجانية سواء الطبابة او ثمن الادوية فهى تصرف لمثلنا بالمجان ولا نخاف  الفقر او الاملاق فالدولة تكفل لنا هذا على الرغم ان بعضا منا يسئ هذه الخدمة ويأخذ ماليس من حقه!!  أقول اذا ما تذكرنا اننا نحصل على كل الخدمات السابقة مجانا فالمفروض ان نكون سعداء ولكن الواقع يقول غير ذلك  فكما سبق قلت فان  الاكتئاب  ملازم لمعظمنا  بل الصديق المصاحب لنا  وذلك  لأننا لا نعرف كيف نقضى اوقات فراغنا فيما هو مفيد ونافع .  والسؤال الذي يطرح نفسه هنا :لماذا لا نعمل  اجل نبحث عن عمل او بالاحرى نخلق لنا عملا ما ؟؟ وهنا سوف يعاجلنى الكثيرون بالقول اين نعمل وأين هو العمل المناسب لنا اذ ان  تقدم السن بنا قد جعل أصحاب الاعمال يزهدون في  تشغيلنا  ومن ثم فنحن مضطرين للجلوس في المنزل باليوم واليومين وربما بالاسبوع الكامل . دعوني ارد على هؤلاء انا لا اقصد العمل بقصد اخذ  الاجر ولا اقصد ان تشترط ان تكون مسؤلا او مديرا انا اقصد ان تطرق أبواب العمل التطوعي  ومهما كان هذا العمل ولتعطى من وقتك ما تريد أي عدد الساعات التي انت على استعداد للتبرع بها

وفي هذه الحالة ستجد الكثير من الأبواب قد فتحت لك وترحب وتقدر خدمتك للمجتمع  هناك مؤسسات كثيرة تقبل متطوعين كبار السن مثل المستشفيات  لتعمل كموظف استعلامات او تساعد في توزيع الطعام على المرضى او كمترجم لهم ..الخ وهناك وزارة التعليم كمساعد لمعلم او تساعد في مراقبة التلاميذ عندما يذهبون في رحلاتهم المدرسية او تساعدهم على عبور الشوارع الرئيسية عند ذهابهم او خروجهم من المدارس .. الخ وهناك مساعدة ذوى الاحتياجات الخاصة وزيارتهم او تعليم أبناء جاليتك اللغة العربية وبالمجان في المؤسسات الاجتماعية مثل المسجد او المراكز الدينية اوتعليم الموسيقى او الفنون او  غير ذلك  أقول ان أبواب التطوع كثيرة وكثيرة حقا. فهناك المركز الثقافي في شارع دندس وهناك المراكز الجاليات  الاجتماعية في كل ضاحية من ضواحي لندن  وهناك المكتبات العامة  وهناك مراكز دمج اللاجئين واعدادهم للحياة الجديدة  . وبختصار فانك وفي هذه الحالة ستشعر بانك تقوم باعمال تناسب سنك ومن ثم فانت تخدم مجتمعك الذي احسن اليك وتخدم البلد التي اكرم وفادتك   ففزت  برضاء الضمير وخير  العمل وقضاء الوقت الممتع واخيرا وليس الاخر سوف تجد ان اولادك او زوجتك صاروا اكثر حميمية لك بعدما قلت تدخلاتك وانعدمت كثرة  "النق"!!.

لماذا لا ينتشر مفهوم التطوع بين كبار السن منا  كما هو معروف لدى صغار السن وان كانت الأهداف مختلفة  فبالنسبة لصغار السن من جاليتنا  أي الشباب فانهم يقومون بالتطوع  في بعض المؤسسات بهدف إيجاد وظيفة براتب لهم في هذه المؤسسات أي ان التطوع هنا يكون وسيلة للحصول على الوظيفة وليس للخدمة  المجانية  .

ومرة أخرى اكرر انه للأسف ان  هناك نسبة كبيرة من كبار السن في  جاليتنا الكريمة  تشعر بان الوقت هو عبء عليها ولذلك تحاول قتله اما بخلق المشاكل الاسرية او الجلوس في مقاهي تيم هورتن وستار بوكس وغيرهما . وانا اتألم حينما اذهب في عطلة نهاية الأسبوع واصطحب زوجتى لتناول الطعام خارج المنزل ونذهب مثلا الى ساحة الطعام في احد الأسواق المتكاملة او ما نقول عنها  المولات Malls   او محلات تيم هورتن او ستاربوكس  او مثل هذه الاماكن  فاجد ودائما  تقريبا نفس الأشخاص متسمرين على مقاعد هذه الساحة وكانهم معلما من معالم هذه الالاماكن  اننى وللامانة  أتألم لهم واتمنى لهم قضاء اوقات تكون اكثر انتاجية وسعادة لهم .

 كذلك  يمكنك انت ان تخلق لنفسك عملك الذي تحبه وتقوم  به كتسلية وليس كعمل للارتزاق وهذا ما فعلته انا حينما قمت بانشاء جريدة "هنا لندن " وللامانه فهى تستهلك كل وقتى بل اشعر دائما اننى محتاج لوقت إضافي لاكمال العمل   و انا سعيد بهذا فهى قد اغنتنى عن الشعور بالملل والاكتئاب وتجعلنى على اطلاع دائم بما يحدث في المجتمع . واذا كنت من أصحاب الأقلام فلماذا لا تكتب وتنشر ما تكتبه سواء على وسائل التواصل الاجتماعى كالفيس بوك او تويتر او تعمل لنفسك مدونه تنشر فيها خواطرك او افكارك او ترسل ما تكتبه من قصص او مقالات او اشعار الى الصحف هنا في كندا وما اكثرها اذ ان عدد صحف تورنتو لوحدها يزيد عن 25 صحيفة كلها تبحث عن امثالك من الكتاب او الشعراء او كتاب القصة .. وأخيرا لماذا لا تقوم بكتابة بعضا من القصص المفيدة في حياتك الشخصية  مثلا قصة كفاحك في التعليم او في إيجاد الوظيفة المناسبة وكيف طورت وضعك الوظيفي لتصل الى ما وصلت اليه قبل قدومك الى كندا . ان هذه القصص ستكون مفيدة جدا لمن يقرأها حتى من افراد اسرتك فهم لا يعرفونها وان كانوا او كان البعض منهم قد عاشها  ,كما انك سوف تجد ردة فعلهم هو التقدير والاحترام لك باعتبارك عصاميا جاهدت  وافنيت شبابك من اجل ضمان حسن المستقبل لهم ومن ثم فلقد ناضلت من اجل خلق الظروف لنجاحهم .واعود مرة أخرى لقصة شخصية فقبل حوالى ستة اشهر جلست مع صديق لي يصغرني سنا بفارق كبير  جلسنا نتحدث وقادنا الحديث الى ان يقول لي ان ظروف جيلكم كانت اكثر سهولة في أيجاد الوظائف عن ظروفنا الحالية أي انكم كنتم محظوظين اكثر منا  وهنا وجدت نفسى اقص عليه شيئا من قصصى الوظيفية  لاطلعه على التحديات التي كنا نعيشها في ذلك الوقت  وحينما إنتهيت من سرد قصة او اثنتين قال لي لم اكن اعرف ذلك  ثم اردف لماذا لا تكتب هذه القصص وتنشرها في جريدتك لكي يستفيد منها الناس من شباب الجيل الحالي فيستفيدون من قصص الكفاح والتحدى   وبالفعل عملت بنصيحته  وهانذا لا زلت اكتب عن هذه القصص وللامانه لقد قال لي ابنائى وقبل غيرهم انه لم يكونوا على علم بتفاصيل هذه القصص رغم انهم عاشووها وقرر البعض منهم الاحتفاظ بها ليقصوها على أبنائهم اما اخى الاكبر فلقد طلب منى ان اجمعها في كتاب  اما القراء فلقد ابدى الكثير منهم الاعجاب بهذه القصص وأقول الصدق انه ومن خلال موقع الجريدة وجدت ان من يذهب لقراءة هذه القصص اكثر وبفارق واضح من أولئك الذين يذهبون لقراءة صفحات أخرى ذات محتويات أخرى واعتقد ان نفس هذا الشئ انعكس على الجريدة الورقية حيث زادت انقرائية الجريدة .

بعد كل هذا الشرح المسهب هل اقنعتك عزيزي الكبير مقاما وسنا في ان  تبدأ سنة جديدة بخطة جديدة  امل ان أكون كذلك وسنة حلوة يا جميل !!

شارك مع أصدقائك
  • gplus
  • pinterest

أخر الأخبار

لا يوجد أخبار

أحدث التعليقات

    لا يوجد تعليقات

أترك تعليقاً