من السعوديّة إلى الكويت مرورا بتايلاند، وصولا إلى كندا، أثارت قصّة السعوديّة محمّد رهف القنون اهتمام وسائل الاعلام في الأيّام القليلة الماضية، منذ أن قرّرت الشابّة الهروب من عائلتها.
وكانت القنون تخطّط للتوجّه إلى استراليا، واسترعت التغريدات المتتالية التي نشرتها على موقع تويتر من داخل غرفة تحصّنت بداخلها في مطار بانكوك، انتباه الكثيرين حول العالم.
وقرّرت كندا منحها حقّ اللّجوء تجاوبا مع طلب بهذا المعنى وجّهته المفوضيّة العليا للاجئين التابعة للأمم المتّحدة.
وبالفعل، وصلت رهف محمّد القنون يوم السبت إلى مطار بيرسون الدولي في مدينة تورونتو حيث كانت وزيرة الخارجيّة الكنديّة كريستيا فريلاند في استقبالها.
يقول المهندس الكندي المصري الأستاذ إيهاب لطيّف العضو المؤسّس في الائتلاف الكندي المصري من أجل الديمقراطيّة وحقوق الانسان في حديث أجريته معه عبر الهاتف، إنّ رهف القنون كانت في وضع لا تُحسد عليه وتحتاج للمساعدة بصورة ملحّة، وقد قامت كندا بما هو ممكن لمساعدتها.
ويتساءل ضيفي من ناحية أخرى، لماذا اختارت كندا التحرّك بسرعة في هذه القضيّة بالذات لاسيّما مع وجود العديد من اللاجئين الذين يحتاجون المساعدة.
ويرى أنّ كندا انتهزت الفرصة لتقول للملكة السعوديّة إنّها لن تخضع للضغوط الاقتصاديّة والدبلوماسيّة التي حاولت الرياض أن تفرضها عليها بعد أن غرّدت وزيرة الخارجيّة الكنديّة على موقع تويتر منتقدة اعتقال المملكة لناشطين حقوققيّين سعوديّين.
وكانت الرسالة السياسيّة دافعا وراء التحرّك الكندي في قضيّة رهف القنون، التي استقبلتها وزيرة الخارجيّة كريستيا فريلاند لدى وصولها إلى مطار تورونتو الدولي كما يقول الأستاذ ايهاب لطيّف.
وسبق أن استقبل رئيس الحكومة جوستان ترودو لاجئين سوريّين لدى وصولهم إلى كندا قبل نحو سنتين، عندما فتحت كندا أبوابها لاستقبال أعداد منهم.
ويعتبر المهندس إيهاب لطيّف أنّ تداخل البعدين الانساني والسياسي هو جزء من اللّعبة السياسيّة، ووجود وزيرة الخارجيّة الكنديّة في المطار لاستقبال رهف القنون كان جزءا من الرسالة السياسيّة.
ولا يرى ضيفي في مسارعة كندا لمنح الشابّة السعوديّة حقّ اللّجوء استعجالا زائدا عن اللّزوم خصوصا أنّ الموضوع لم يكن يتحمّل المماطلة.
واستراليا كانت الوجهة الأساسيّة للشابّة السعوديّة، ولكنّ كندا اختارت وكانت تريد أن تأتي رهف القنون إلى هنا.
وسألت الأستاذ إيهاب لطيّف إن كان التزام كندا بالدفاع عن حقوق الانسان يساعد في هذا الملفّ، علما أنّ توتّر العلاقات الكنديّة السعوديّة جاء على خلفيّة دفاع كندا عن ناشطين حقوقيّين سعوديّين.
يرى الأستاذ لطيّف أنّ هنالك المبادئ وهنالك اللّعبة السياسيّة، ويأسف لأنّ اللّعبة السياسيّة لا تأتي دوما بنتائج مع بعض الدول وبعض الأنظمة.
ويعتبر أنّ إعطاء الأولويّة للمصالح الاقتصاديّة على حساب حقوق الانسان هو بمثابة خيانة من قبل الدول الديمقراطيّة للأمانة ولمسؤوليّة الدفاع عن حقوق الانسان ويضيف أنّ الأوراق الضاغطة كثيرة في يد الدول الديمقراطيّة.
والسعوديّة في رأي منظّمات حقوق الانسان، هي من أكثر الدول التي تنتهك حقوق الانسان، ولكنّ ثمّة انتهاكات أخرى كما يحصل في مصر وبين اسرائيل وفلسطين حسب قول المهندس ايهاب لطيّف، الذي يضيف أنّ
كندا ودولا أخرى تفضّل المصالح الاقتصاديّة والجيوسياسيّة فيها على حقوق الانسان.
ومن الضروري حسب رأيه أن توحّد كندا معاييرها ، ومن المهمّ احترام الثقافات الأخرى كما يقول، وليس من تعارض بين احترام حقوق الانسان والتدخّل في السياسة الداخليّة لدولة ما، وهذه حجّة تستخدمها الدول عندما لا يكون لديها حجّة سواها.
وعلى سبيل المثال، فإنّ كندا لن تقطع علاقاتها مع أيّة دولة لأنّ هذه الأخيرة عبّرت عن اعتراضها لما تعتبره انتهاكا لحقوق الانسان في كندا يقول المهندس الأستاذ إيهاب لطيّف العضو المؤسّس في الائتلاف الكندي المصري من أجل الديمقراطيّة وحقوق الانسان".