من منطلق مسؤوليّتنا الدينيّة والأدبيّة، نطالب أنفسنا وقادة العالم وصنّاع السياسات الدوليّة، بالعمل جديّا على نشر ثقافة التعايش والمحبّة والسلام": هذا بعض ممّا ورد في وثيقة الأخوّة الانسانيّة التي وقّعها كلّ من قداسة البابا فرنسيس وفضيلة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيّب، في أعقاب اللّقاء الذي جمعهما في دولة الإمارات العربيّة المتّحدة.
وجاءت زيارة البابا وهي الأولى التي يقوم بها رأس الكنيسة الكاثوليكيّة إلى منطقة شبه الجزيرة العربيّة، في وقت أعلنت فيه دولة الإمارات العام 2019 عام التسامح.
وتأتي الزيارة في وقت العالم أحوج ما يكون فيه إلى التسامح والانفتاح، وقد دعت الوثيقة إلى قبول الآخر والتعايش بين الناس، مشيرة إلى أنّ الارهاب البغيض يهدّد أمن الناس في الشرق كما في الغرب.
للمزيد حول زيارة الحبر الأعظم، وأهميّة اللّقاء الذي جمع الشخصيّتين الروحيّتين، أجريت حديثا مع سيادة المطران ابراهيم ابراهيم راعي أبرشيّة طائفة الروم الملكيّين الكاثوليك في كندا.
يقول المطران ابراهيم إنّ الزيارة هي الأولى لهذه المنطقة وهي موجّهة من أجل السلام العالمي والعيش المشترك.
ويشير إلى اللّقاء الذي جمع البابا فرنسيس بفضيلة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيّب برعاية واستضافة من دولة الامارات العربيّة المتّحدة، و إلى البعد التاريخي الذي ترتديه استضافة دولة الإمارات للزيارة.
وفضلا عن حفاوة الاستقبال والتنظيم الملفت للزيارة، هنالك أيضا كما يقول المطران ابراهيم ابراهيم المعاني العميقة التي جعلت الزيارة تاريخيّة بكل معنى الكلمة.
ويؤكّد على نهج الحبر الأعظم في بناء الجسور، مشيرا إلى أنّ اللّقاء بين الأديان تمحور حول الأخوّة الانسانيّة، ويشير إلى أنّه لمس خلال زيارة قام بها شخصيّا للإمارات قبل بضعة سنوات، أجواء التسامح والانفتاح في كلّ مفاصل المجتمع الاماراتي، ويأمل في أن تنتقل عدواها إلى كلّ المنطقة كما يقول.
ويتوقّع سيادة المطران ابراهيم ابراهيم أن يمتدّ تأثير الوثيقة التي تدعو للابتعاد عن مشاعر الحقد والكراهية والتعصّب واثارة الفتن، إلى العالم بأسره، وينقل عن البابا فرنسيس ما قاله قبل زيارة الامارات من أنّ الايمان باللّه يوحّد ولا يقسّم حتّى لو كنّا مختلفين.
والوثيقة تبني على هذا الأساس، والزيارة لم تأت للتنكّر للخلافات الموجودة بين الديانتين، بل لتمكين اواصر التلاقي والحوار.
ويشير المطرن ابراهيم إلى الزيارة التي قام بها البابا فرنسيس إلى مسجد أبو ظبي الكبير، ولقائه مع مجلس العلماء تحت عنوان الودّ والأخوّة.
وكانت الذروة في اللّقاء بين الأديان الذي ضمّ البابا فرنسيس والشيخ أحمد الطيّب و الذي حضرته 700 شخصيّة من مختلف الأديان.
ويدعو المطران ابراهيم إلى التعمّق في قراءة الوثيقة ومعانيها، والوثيقة واضحة وتدعو إلى وقف تأويلات بعض رجال الدين التي تعود إلى مراحل من التاريخ، الذين وظّفوا الشعور الديني بما لا علاقة له بالدين، ومن أجل تحقيق مصالح سياسيّة واقتصاديّة لا علاقة لها بالدين.
وطالبوا بوقف استخدام الأديان لتأجيج العنف والتطرّف والكفّ عن استخدام اسم الله لتبرير أعمال القتل والارهاب، والوثيقة ذكرت أنّ ما نعيشه اليوم ليس نتاجا للدين بل نتيجة تراكمات المفاهيم الخاطئة لنصوص الأديان.
وفي إشارة إلى الزيارة التي قام بها البابا فرنسيس لمصر ربيع العام 2017، يثني المطران ابراهيم على دور الرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي في خلق التيّار الحواري البنّاء لتعزيز اللّقاء بين الأديان وتخفيف حدّة الخطاب الديني ومحاربة العنف ضدّ الأقباط والكنائس في مصر الذي لا يمثّل الاسلام والمسلمين.
وحول مضاعفات الزيارة ابابويّة للامارات على مسيحيّي الشرق الأوسط في وقت تتنامى فيه الهجرة المسيحيّة من المنطقة، يقول سيادة الطران ابراهيم ابراهيم راعي طائفة الروم الملكيّين الكاثوليك في كندا إنّ ثمّة من خرج عن الاحترام والمنطق في طرح السؤال حول الموضوع.
ويتساءل هؤلاء إن كان البابا فرنسيس قد نسي دماء المسيحيّين، وهو سؤال غير مقبول ، وما من أحد ،لا البابا ولا أي مرجعيّة دينيّة تقبل بالمساومة على دماء المسيحيّين قال المطران ابراهيم ابراهيم.
وأشار إلى رفض من قبل بعض المسيحيّين للاسلام والمسلمين، وهو أمر لايجوز كما يقول المطران ابراهيم الذي يضيف بأنّه يشكّك في مسيحيّة من يعيش في الماضي وفي الكراهية والأحقاد ،لأنّ من شأن ذلك أن يشلّ أيّة مبادرة للتغيير الايجابي نحو السلام كما قال سيادة المطران ابراهيم ابراهيم في ختام حديثه للقسم العربي.