أصبح زيت الزيتون التونسي يتصدر السوق الكندي رغم المسافة بين البلدين، مواصلاً النجاحات التي يحققها أمام منافسيه الأقوياء، ليستحق لقب النفط الأخضر.

وبات زيت الزيتون من أهم صادرات البلاد، التي تعاني مشكلات اقتصادية متعددة.

ويشتهر زيت الزيتون التونسي بجودته، وهو الأمر الذي جعله يزاحم البلدان الأوروبية المصدّرة للزيت مثل إسبانيا التي تفوقت تونس عليها في 2015، لتحتل المرتبة الأولى عالمياً في تصدير زيت الزيتون. وقد بلغت قيمة الصادرات في ذلك العام 917 مليون دولار.

وتعتبر فرنسا من أهم أسواق زيت الزيتون التونسي، وكذلك السوق الأمريكي الضخم، الذي تحتل فيه تونس المرتبة الرابعة في قائمة أكبر المصدّرين لزيت الزيتون.

وها هو زيت الزيتون التونسي يتصدر السوق الكندي

ولكن المفاجأة جاءت من السوق الكندي البعيد.

إذ أصبح زيت الزيتون التونسي يتصدر السوق الكندي من حيث الجودة، وفقاً لما أعلنه الديوان الوطني للزيت في تونس منذ أيام.

وبذلك، يتقدم زيت الزيتون التونسي على إيطاليا وإسبانيا في السوق الكندية، التي أصبحت أكبر سوق لزيت الزيتون التونسي متقدمةً على السوق الأمريكية، حسب ما صرح به شكري بيوض، رئيس المدير العام للديوان الوطني للزيت، لوسائل إعلامية.

وتصدّر تونس سنوياً ما بين 60 و70% من جملة الإنتاج غير المعلّب، وتمثل صادرات الزيت 40% من إجمالي صادرات القطاع الزراعي المرتكز أساساً على الحمضيات (القوارص) والتمور وزيت الزيتون.

ويصدَّر الزيت التونسي المعلّب إلى نحو 60 سوقاً عالمية، منها الأمريكية والكندية والفرنسية والروسية والصينية وعدد من البلدان العربية.

ولكن، ما سر جودة زيت الزيتون التونسي؟

يتميز زيت الزيتون التونسي بالجودة والمذاق الجيد ولونه الأصفر الذهبي المائل إلى الخضرة، حيث يطلق عليه «النفط الأخضر».

كما أن تعدد أنواعه يمثل ميزة لتونس تمكنها من تنويع مذاق الزيت والاستجابة لطلبات مختلف الأذواق في دول مختلفة. والمناخ المتوسطي المعتدل الذي تتميز به تونس له دور في جودة زيت الزيتون.

ولكن الفضل الأكبر يعود للفلاح التونسي في الحصول على زيت ذي جودة عالية تفوّق بها على نظرائه الأوروبيين.

الفضل يعود لهذه الطرق التي يستخدمها الفلاحون التونسيون  

في حين يستخدم الفلاحون الأوروبيون وسائل متطورة في العناية بالأشجار وطرق الجَني والري، فإن الفلاحين بتونس يستخدمون الطرق التقليدية في العناية بأشجار الزيتون.

فعملية الري مثلاً تكون طبيعية بالأساس، حيث يعتمد فيها الفلاح على مياه المطر.

سالم، فلاح من محافظة صفاقس، يقول لـ «عربي بوست»: «نعتمد على مياه الأمطار، لأنها مياه عذبة خالية من الملوحة التي تؤثر في جودة الزيت ونمو الأشجار».

ويضيف: «نقوم بتهيئة التربة، وصنع  جسور من شأنها أن تحتفظ بالمياه مدة أطول دون التسرب خارج الحقول، وتهيئة أماكن تحفظ مياه الأمطار، لاستغلالها في مواسم الجفاف أو فصل الصيف».

ويقوم الفلاح التونسي عادة بتشذيب وتقليم أشجار الزيتون بوسائل تقليدية لا تضر بالأغصان الحية.

وفي هذا الإطار، يقول صالح، المختص في تشذيب الأشجار يدوياً، إن «الفائدة من هذه العملية هي تهوية الشجرة والتخلص من الأغصان المتشابكة واليابسة التي تعطل عملية نمو شجرة الزيتون وعملية الجني أيضاً».

إذ إن العائلة تجتمع للمشاركة في عملية الجني

ولا يستخدم الفلاحون في تونس وسائل الجَني العصرية كأقرانهم بالدول الأوروبية، بل يعتمدون على الجَني اليدوي.

إذ تجتمع العائلات والعاملون في موسم جني الزيتون يالحقول، ويجنون حبّات الزيتون بالأيدي، ثم يضعونها في صناديق أو أكياس تسمح بدخول الهواء، للمحافظة على نضارته ووصوله إلى المعصرة في حالة جيدة.

وبشير، صاحب معصرة زيتون، يقول لـ «عربي بوست»: «طرق حفظ الزيتون وجَنيه مهمة جداً في التأثير على مذاقه وجودته».

وهذا الأمر أكده المهندس الزراعي جمال العريض.

إذ يقول لـ «عربي بوست»: «كذلك، إنّ لطرق العناية التقليدية والمناخ التونسي المعتدل دوراً مهماً في تفوُّق زيتنا على بقية زيوت العالم من حيث الجودة والعناصر الغذائية»

وأضاف قائلاً: «إن الطرق العصرية والمياه الجوفية تؤثر على جودة الزيت ومذاقه».

ولكن هناك مخاطر تهدد هذا النفط الأخضر

رغم إصرار الفلاحين في تونس على مزاحمة نظرائهم بأوروبا في الإنتاج والتصدير، فإن هناك صعوبات كثيرة يواجهها الفلاح التونسي، أهمها تذبذب كميات الأمطار من سنة إلى أخرى.

فيصل التبيني، رئيس حزب صوت الفلاحين، يقول لـ «عربي بوست»، إن الفلاح التونسي يعاني قلة دعم الدولة، إضافة إلى نقص اليد العاملة ونقص كميات الأمطار».

وعن الحلول لمواجهة هذه المشكلات، قال التبيني: «لا بد من مزيد من العناية بزيت تونس البيولوجي والترويج له أكثر».

ويضيف قائلاً: «إن زيت الزيتون التونسي هو أهم منتج بإمكانه إدخال العملة الصعبة للبلاد،  التي تشهد تراجعاً اقتصادياً، إضافة إلى ضرورة تحويل غابات الأشجار غير المثمرة إلى مزارع لأشجار الزيتون، لا سيما في الشمال الغربي الذي تكون نسبة الأمطار فيه قوية».

واستنكر التبيني عدم عرض زيت الزيتون التونسي في المعرض الزراعي العالمي بباريس مؤخراً، وهو الأمر الذي يتيح للمنافسين القيام بالدعاية لمنتجاتهم، حسب قوله.

وتزداد ضرورة إيلاء زيت الزيتون التونسي مزيداً من الاهتمام، في ظل حقيقة أن القطاع الزراعي من أهم قطاعات الاقتصاد التونسي من حيث الإنتاج والتصدير

 


 

شارك مع أصدقائك
  • gplus
  • pinterest

أخر الأخبار

لا يوجد أخبار

أحدث التعليقات

    لا يوجد تعليقات

أترك تعليقاً