في عيد الحب...
حبيبي...
إنِّي أُناديكَ .. أناجيكَ أنْ ترجعَ ولا تتأخرْ،
في بيتنا الجميلِ، دخلَ الجنودُ يفُتّشون .. ألمْ تشعُرْ؟
في بيتِنا حائطٌ مقدسٌ وضعنا عليه الصليبَ وأيّةَ الكرسيّ جنباً إلى جنبٍ ألا تذكرْ؟
هدموا الحائطَ، هدموا كلّ الحبِّ الذي حاربنا لأجلهِ طيلة السنينِ والأشهرْ،
هدموا حِواراً للأديانِ تجسَّدَ في بيتنا الصغيرِ وعجزتْ عنه آلافُ الكتبِ والمجلّداتِ.. بل فعلوا أكثر،
فهناكَ، في حديقتنا الجميلةِ، داسَ الجندُ شتلاتِ النرجسِ والليلكِ قبل أنْ تُزهرْ،
قلْ لِي حبيبي.. كيفَ يغتالونَ براءةَ الزهراتِ قبلَ أنْ تكبرْ؟
وزيتونتُنا، في ركنِ الحديقةِ، هل ظنَنْتَ يوماً أنْ يسقطَ غُصنَها الأخضرْ؟
جذورُها في الأرضِ قديمةٌ تُرَسّخُ وجودَنا فيها إلى ما قبل التاريخ من اليبوسيين إلى البابليين إلى الفُرسِ إلى الإسكندر الأكبرْ،
ألا تذكرْ؟ إنّها شاهدٌ على قصصِ عشقٍ ضاعتْ تفاصيلُها في أرجاءِ هذا الليلِ الطويلِ المُبعثَرْ،
فكمْ وجدنا عليها من قلوبٍ للمُحبين قد خُطَّتْ، وكم من الأسماءِ قد حُفرَتْ، كما لو أنّها نُقشتْ على قطعةِ جوهرْ،
وثوبي المطرزُ الذي طرزته أمي ليالٍ طوالٍ بدفيء يدٍ ونفسٍ مُعطّرْ،
صارَ ينكرني منذ صادره ذلك الغريب الأشقرْ،
حبيبي تَصوّرْ، في بيتنا الجميلِ، طغتْ رائحةُ الجندُ والعسكر على المسكِ والعنبرْ،
حبيبي عُدْ ولا تتأخرْ،
أعدْ لي ثوبي وزيتونتَنا، أعدْ حائطَنا وزهراتنَا، أعدْ للبيتِ حُرمتَه، وقدسيتَه، وطهارتَه التي اغتالوها بدمٍ باردٍ وقلبٍ تحجّرْ،
أعدْ لي أحلامي، وبراءتي، أعدْ لي طفولتي،
فإنّي مذ غدوتَ شختُ، فأعدني إلى الطفلةِ التي تلهُو بعروسةِ السُكّرْ،
حبيبي إنْ طالَ علينا الزمانُ ولم أناجيكَ، لا تقلْ أبداً أنَّ في داخلي أملاً تكسَّرْ،
فمهما صارَ، سنظلُّ دوماً حكايةً من كتابٍ طويلٍ أبطالُه العاشقون وعنوانه "أحبك فوق حدودِ الفراق"..
فارجع حبيبي ولا تتأخرْ.