كندا العظيمة ويومها الوطنى الكبير
في بداية هذا الشهر , كان اليوم الوطنى لكندا او ما يطلق عليه Canada Day حيث يحتفل الشعب الكندي وبجميع اطيافه ومؤسساته حكومية وغير حكومية بهذا العيد السنوي الكبير وهكذا وجريا على هذه العادة الجميلة فلقد كان يوم الأول من شهر يوليو هو الذكرى رقم 152 لكندا
وسريعا تعود بي الذاكرة الى ماقبل العشرين سنة خلت حينما حضرت كمهاجرا الى هذا البلد الحبيب بعدما ترددت فيما سبق اكثر من مرة في الهجرة وترك عملى ومن ثم وفي كل مرة كانت تنتهي فترة سريان فيزة الدخول لكندا وهكذا ضاعت على اكثر من فرصة اخرها كانت عندما تم غزو الكويت عام 1990 وحينها اتصلت بي القنصلية الكندية في الكويت وعرضت على ان تقوم بتسفيرى انا واسرتى لكندا ولكننى اعتذرت لقبول العرض بسبب ظروف اولادي حيث ان الابنة جيهان وربا كانتا في بداية الدراسة الجامعية ومن ثم فلم اشأ ان اسبب أي اضطراب في نظامهما التعليمي . ولكن وبعد عدة سنوات من هذه الواقعة فلقد وجدت انه من الافضل ان الحق قطار الهجرة وهكذا حضرت ضمن برنامج على اطلق عليه اسم " هجرة استثمار " وهكذا حضرت للبلد في فترة قياسية لم تتجاوز السبعة اشهر لاصل الى مطار تورنتو في العام 1999وسط ترحيب من رجال الهجرة والجمارك والجوازات .
بعد أيام قليلة انتقلت من تورنتو الى مدينة لندن بناء على نصيحة احد الأصدقاء حينما تعذر على إيجاد منزل مناسب للاجرة في كل منطقة تورونتوالكبرى .. كانت نصيحة صادقة ففي خلال أسبوع تم استئجار سكن معقول وبدأت حياتي في الانتظام ولكن ما ان انتهيت من هذه المرحلة حتى عاودني الحنين الى بلادنا العربية اذ افتقدت الكثير من الاهل والاصحاب بالاضافة الى ثقافة جديدة لم اعتد عليها رغم اننى عشت جزءا من حياتى في بريطانيا . كذلك سمعت الكثير من القصص السلبية والتجارب الفاشلة لاناس جاؤوا الى هذا البلد في عمر متقدم مثل سنى كل تلك الهواجس جعلتنى اكتب اول مقال عن نظرتي الخاصة نحو حياتي الجديدة وقد تم نشره في جريدتين عربيتين
عزيزي القارئ اجد انه من المناسب ان اعيد نشر هذا المقال والذي كتبته قبل حوالى عشرين سنة لاصف فيه لك الحياة كما لمستها انا ولتقارن الان وبنفسك ما تلمسه انت من تغيير ايجابي أصاب هذه الحياة خلال العقدين المنصرمين وتغيرت الاشياء في كندا نحو الافضل بالنسبة للجالية العربية حيث كثر عددها وزادت مساهماتها في سوق الصناعات الكندية المختلفة يقابلها ازدياد سلبيات العيش في البلاد العربية مما جعل الهجرة الى كندا اكثر جذبا مما كان .
وكملاحظة اخيرة ربما ستلاحظ ان المقال كتب بأسلوب شبه ادبي وليس كتقرير صحفى حيث انه لم يخلو من الصنعة الأدبية والديباجات المنمقة!!!
هجرة الاحلام ام طريق الالام !!
لعل كثر من الناس يحلمون بالهجرة الى تلك البلاد التى ىسحرتهم ببريقها الاخاذ, واستولت على لباب مشاعرهم, بما قرؤوا او سمعوا من اصدقاء لهم قادتهم اقدارهم نحو تلك الديار. فنسجوا القصص وامعنوا الخيال واكثروا من التوابل ليحلو المذاق .. وفى غمرة الظروف الصعبة والاحباطات التي يواجهها الكثير من أهلنا في اوطانهم الام او في اماكن كانوا قد حضروا اليها للعمل واذا بها تضيق بهم وتطلب منهم الرحيل .
الى هؤلاء الذين تصوروا ان الهجرة الى أمريكا او كندا او أوروبا وكانها رحلة نورانية الى الجنة اومغامرة لذيذة الى النعيم والفضائل حيث ايوتوبيا افلاطون . وبالتالى قرروا الهجرة الى هذا العالم الجديد , ومن ثم حجزوا على اول طائرة ليصلوا الى ارض الاحلام. هكذا جاء الشباب والشابات, ونزح الكهول والطاعنات مع الاسر والعائلات من مختلف بقاع العالم . جاؤوا الى هذا العالم الجديد مفتونين بتكنولوجيته ,ساعين الى ديموقراطيته, حالمين بالثراء ,متعجلين امتلاك السيارة الفارهة والوظيفة المرموقة ودفتر الشيكات وكروت الاعتماد .هذا غير اقتناء اخر مستجدات التكنولوجيا وافرازاتها من الانترنت المجانى والبريد الالكترونى ومحطات التلفزيون الهوائى والكابلى والذى يبث برامج تفوق الخيال عددا وموضوعا الى مفاتيح الارقام لكل غرفة ومنزل وسيارة, وهواتف الشاشات التى تتيح لك وبلمسة من اصغر اصابعك اجراء عمليات البيع والشراء ,وحجزتذاكر السفر وموائد الطعام , واشياء واشياء ,!
صحيح كل هذا صحيح ,وربما اكثر بكثير , فالحياة هنا جميلة لامعة : الطبيعة جميلة جدا , الأشجار باسقة متناسقة خضراء وصفراء وحمراء, وذات الوان والوان , اوراقها وجذوعها ظليلة كالخمائل هيئة , الزهور تتناثر فى كل مكان امام كل منزل ومؤسسة والحشائش الخضراء على هيئة مسطحات كبيرة موجودة على طول الطريق وكافة الممرات .الاعتناء بها من تهذيب وتسطير وتمشيط وقص , اكثر من اهتمام الفتاة الفاتنة بتسريحة شعرها او الفتى الانيق بشاربيه !! والناس هنا جم رقيقون مهذبون وكانهم ملائكة اصواتهم همسا ,كلامهم لحنا وجهوهم ضاحكة وشفاههم مرحبة بك دوما !! والمنازل هنا جميلة التصميم متناسقة المواقع ,وامتلاكها اسهل من السهل فبامكانك وبدون اجراءات او تعقيدات تذكر ان تمتلك بيتا جميلا امامه وخلفه حديقة ذات خضرة يانعة كل هذا لا تدفع فيه اكثر من مبلغ بسيط لا يوازى ثمن شقة فى عمارة عادية من عمارات الوطن الحبيب والاغرب انك ربما لا تدفع اى دفعة اولى على الاطلاق وبالتالي يكون الدفع بالاقساط . وهىى في العادة تكون سهلة ميسورة وفي تسلسل مريح ليستمر حتى لاكثر من ثلاثين عام . وهكذا السيارة والاثاث وحتى الماكل والمشرب والملبس وغيره وغيره ,خذ ما تشاء وادفع اقل مما تشاء وقت ما تشاء!
وحتى ان ضاقت بك الليالي وجفاك النوم فهناك من يسعده ان يحدثك ذكرا اردت اوانثى ,وفى اى شىء تريد او يخطر على بالك ابتداء من الام الوحدة ولواعج الحبيب الى روائع القصص ورومانسية الاحلام , كل ذلك حتى تقر عيونك المجهدة و تثقل الجفون الساهرة و تكتحل عيناك بالنوم وتغط فى اسعد الاحلام.
كل هذا صحيح بل ربما اكثر واكثر ..التلفزيون والانترنت والصحف يعرضون عليك اشخاصا يسعون لحبك ذكورا واناثا , تنتقى من صورهم الكاملة ,بملابس او بدون تكليف !! وفى اوضاع مرسومة او بدون تزييف !! المطلوب منك فقط ان تختار اى منهم يصلح لمرافقتك , اوالتشرف بك لاى مكان تريده ,خاصا كان او اوعاما ,او حتى ليلة بيضاء او حمراء ملونة تقضيها معهم افراد او جماعات اذ لا فرق بين الاصدقاء !! وباختصار كل شىء هنا مباح حتى الصداقة الخاصة بين الرجال اوالنساء اقصد الرجال للرجال والسيدات للسيدات ( وكلمة صداقة هنا هى كلمة مهذبة لعلاقة غير شرعية او قل غير مهذبة )
كل هذا مسموح طالما انه يتم تحت مظلة القانون ولا يؤذى او يتدخل فى الشؤون الداخلية او الحرية الشخصية لاى انسان اخر حتى لو كان ابنك اوابنتك ذات الثامنة عشرة ربيعا, اما اذا تدخلت فى مثل هذه العلاقات و مارست على ابنك اوابنتك البالغة شيئا مما يطلقون عليه الضغوط والتحرش (والارهاب ) ففى هذه الحالة ستنال من العقاب مالا تحمد عقباه ولا تتصور مداه وقد توقع عليك عقوبة الاغتصاب .ان ابنك وابنتك وبعد هذا السن هم هنا احرار طلقاء يسكنون وحدهم او مع من يريدون من الذكور او الاناث يصادقون من يصادقون وبالتالى قد تكتشف ان فتاة ما على علاقة صداقة كهذه مع اربع او خمس من الشباب او الشابات او حتى كهول الفياجرا ,او عجائز اقتربوا من الممات . وقد يتباهون بمعاقرة الخمر أوتعاطي المخدرات وعمل باقي الموبقات كل هذا شيئا عاديا في نظر القانون ولا يطلق عليها شذوذا او انحرافات .
كما تخيلت او انك كل هذا صحيح وربما اكثر وهكذا وحينما تصبح كل هذه الأمور حقيقة امامك لن تجد الامر كما تخيلت من انك ستعيش في جنة الرضوان . العكس فقد تأكلك الحسرة ويعتصرك الندم وتستنتج وبعد فوات الاوان انك لم تنظر للامور بعقلانية وتمعن قبل ان تتخذ قرار الهجرة الى هذه الديار . فبالاضافة الى عدم رضاك عن علاقات الصداقة هنا وخاصة حينما يكون لك اطفال اوشباب يدرجون فى المدارس . فهناك اشياء اخرى بدت لك بارقة لامعة ولكنها فى واقعها كئيبة قاتلة فسهولة شراء المنزل والسيارة والاثاث ..الخ يقابلها ارباح بنكية باهظة قد تصل الى اكثر من 20% وبعبارة اخرى قد تظل اربع او ست سنوات تسدد فقط ارباح هذه الاقساط ثم بعد ذلك تبدأ فى تسديد الثمن الفعلى لما اشتريت وهكذا تصبح حياتك كلها تسديد اقساط وكلما تصورت ان الفرج قريب كلما غصت اكثر فى وحل الديون ومستنقع الأرباح!!
اما بالنسبة للوظيفة المرموقة والمركز الرفيع فهى وللأسف كلها اضغاث احلام , واحلام يقظه , وتحتاج الى الكثير من العمل الشاق, والصبرالايوبى , لتحقق او حتى تصبح قريبة المنال اذ ان اول ما يطلب منك اذا اردت ان تتقدم لاى وظيفة تخصصت فى دراستك الجامعية فيها , هو ان تعادل شهادتك الجامعية بالشهادة المحلية للدولة , فالمطلوب ان تعادلها , ومعادلة الشهادة قد يتطلب منك اخذ بعض المقررات الدراسية فى الجامعة والتى قد تاخذ منك اكثر وقتا طويلا . بعد ذلك مطلوب منك ان تاخذ رخصة مزاولة المهنة حتى لو كنت مزاولا للمهنة منذ ريعان الصبا وحتى احدودب ظهرك ولمعت فروة راسك .وهذه الرخصة لا تحصل عليها بسهولة وبالتالى فهى تاخذ وقتا اطول واطول .. المهم ان الشهادة و الرخصة مطلوبتان هنا لاى عمل كان , قد يستثنى من هذين الشرطين حاملوا اعلى الدرجات العلمية كالدكتوراة مثلا وبشرط الحصول عليها من جامعة مرموقة معتمدة اقول ان عملية الرخصة تاخذ فى العادة وقتا اكثر من المتوقع قد يجعلك تزهد فى المتابعة وتمل الانتظار وتبحث لك عن وظيفة تسد بها رمقك ورمق عائلتك وفى هذه الحالة ستضطر ايها الشاب اوالشابة للعمل كنادل فى كفتيريا اوغاسل صحون فى مطعم او بائع جرائد وموزع نشرات على المنازل وبالتالى يكون اجرك جد متواضع فى حدود سبع اوثمان دولارات فى الساعة فى بلد تصل فيه اجرة ساعة الخبير الواحدة الى اكثر من 200 دولار وساعة الطبيب العام اكثر من 100 دولار وباختصار ستجد ان مرتبك فى حالة عثورك على عمل يكاد بالكاد يكفيك لاكل مقنن و لتسديد الاقساط اما الادخار فهو قد ولى الادبار !! اما اذا ابتليت بعدم العمل لعدم وجود هذا العمل فلا مناص من ذهابك الى الشئون الاجتماعية ليعطوك راتبا لا يجعلك مرفها ولكن يبقيك على قيد الحياة ويغنيك سوء السؤال .
اما اذا فكرت فى ان تقوم بمشروع تجارى , وتصورت انك ابو الدهاء التجارى , والحس الربحى الصادق , فسوف تكتشف انك اوقعت نفسك فى فخ قاتل ومستنفع زلق مائل. فالتجارة هنا للشركات الضخمة متعددة الجنسيات والتى تعيش على تقديم كافة الاغراءات لتدخلك قفص الاقساط سابقة الذكر ,و بالتالى فهم منافسون اشداء ويوجهون لك الضربة القاضية خلال اسابيع معدودات, لتصبح اذا لم تكن خبيرا بالثقافة التجارية الجديدة مفلسا تطاردك الديون والكثير من المشكلات .
مشكلة اخرى نسيت ان اذكرها لك ولا بد لك من التغلب عليها واقصد مشكلة اللغة أي التواصل مع المجتمع الجديد وعليك حلها بالذهاب الى المدارس المسائية والمواظبة على الحضور .
والان هل انتهت كل مشاكل الهجرة ؟ للاسف لا فلا زال هناك فى الجعبة الكثير ..اذ ربما نكون قد استعرضنا شيئا من المشاكل المادية ولكن هناك مشاكل نفسية اقسى على النفس واعقد فهناك مثلا مشكلة الاغتراب فحينما تباعد بك الديار, وتزداد بك المسافات , وتكثر من حولك الاحباطات, فتستعيد الذكريات وتسترجع مسيرة الحياة .. فتتذكر فيما تتذكر , الاهل والاحباب, وتترائى لك وجوه الصحبة والاخيار وينخرك البعاد ويقتلك الحنين , تتذكر مرابع الصبا, ومداخل الاطلال, تتمثل لك لقطات الحنان, وبساطة وعذوبة تلك الحياة عند ذلك يصبح كل شىء فى بلدك له طعم خاص, ليس علقما كما كان , بل عذبا كفيروز الشطأن !! تصاب بحب جارف لم تعهده ثناياك نحو وطن تركته وتاريخ هجرته فتراك وعلى غير عادتك تتنسم اخبار بلدك بمختلف الوسائط والوسائل تراه فى صحن تلفازك الفضائى او فى قناة الانترنت فتزداد زفراتك احتراقا وياتى عيد لبلدك فتجد نفسك منشغلا به وكانه شيئا خاصا بك وتجد نفسك تتحسس خارطته وتحتضن علمه وتنشد اناشيده وتترنم باهازيجه
وهنا قد تنحدر منك دمعة ساخنة تمسح بها همومك ولسان حالك يقول :
:بلدى وان جارت على عزيزة واهلى وان ضنوا على كرام
او تنشد فتقول
هب ان جنة الخلد اليمن لا شيء يساوي الوطن
husedge
http://vskamagrav.com/ - kamagra 100 without prescription