کتاب مشوق للقراءة في رحلته الشخصية والسياسية ، ومفتوح للتقييم والمساءلة في تفاعلاته مع دوائر القرار في الإدارة الأميركية لقد حققت المذكرات مبيعات وصلت إلى نحو 890 ألف نسخة في الولايات المتحدة وكندا خلال أول 24 ساعة من طرحها في الأسواق ، وهو رقم قياسي لدار نشر "بينغوين راندام هاوس. ومن المتوقع أن يحتل هذا الكتاب مرتبة المذكرات الرئاسية الأكثر مبيعا في العالم، والجدير بالذكر أن أوباما وزوجته باعا حقوق النشر للدار المذكورة في صفقة قياسية قدرت قيمتها ب 60 مليون دولار، وهو مبلغ قياسي لمذكرات الرؤساء الأميركيين بالمقارنة مع سلفه جورج بوش 10 ملايين دولار و بيل كلينتون 15 مليون دولار.
لا أملك أي معلومات عن الدوافع وراء اختيار أوباما عنوان " الأرض الموعودة " لكتاب يتناول فيه مذكراته الشخصية والسياسية خاصة وأن هذا العنوان مثقل بالمعاني التاريخية، اي على الصعيد الديني التوراتي وما يحمله من تبرير لكل
مشاريع الإستعمار والتمدد الإستيطاني، أو على الصعيد الإيديولوجي الذي رافق إكتشاف القارة الأميركية وأدى إلى إبادة الاوربيون للهنود الحمر وارتكاب المجازر الجماعية بحقهم تحت شعارات تحريضية للغزاة الاوروبيين وحملاتهم اليربرية تحت يافطة " أرض الميعاد "
لندع هذا التساؤل جانبا رغم مشروعيته، فقد توزعت أقسام الكتاب - الذي لاقى إقبالا غير مشهود، حيث عرفت الساعة الأولى شراء حوالي تسعين ألف نسخة، متصدرا أعلى نسبة مبيعات في العالم - على المحاور التالية
أولا: طفولة أوباما ونشأته من أب إفريقي وأم أميركية وتنقله بين هاواي (مكان ولادته) وأندونيسيا وإفريقيا وما رافق تلك الطفولة من أسئلة لم تغب يوما عنه في عالم يكتظ بالصراعات العرقية والإثنية
ثانيا: سنوات الدراسة وما ترافق معها من أسئلة للتعرف على الذات والآخر والتشجيع الذي وجده من والدته بعد الطلاق من والده الذي عاد إلى كينيا تاركا للأم مهمة الإعتناء به
ثالثا: دخوله إلى جامعة كولومبيا في نيويورك حيث درس العلوم السياسية وبعدها إلى جامعة هارفارد لدراسة القانون وبداية علاقته مع رفيقة عمره" میشال" التي وجد في شخصيتها وطموحها ما يتناسب مع أحلامه، وقراره لاحقا بالزواج منها
رابعا: انتقاله إلى شيكاغو لممارسة مهنة المحاماة وانخراطه في أنشطة إجتماعية وسياسية فتحت عينيه على التناقضات الإجتماعية والعنصرية، وكيف أسست لبدايات إنخراطه في العمل السياسي داخل الحزب الديمقراطي وما واكبه من تشجيع تنظيمي داخل الحزب لخوض غمار العمل الانتخابي حيث تولى منصب السناتور في مجلس “ولاية إلينوي " ما بين 1996 الى 2004
خامسا: اعتزامه للترشح عن الحزب الديمقراطي، حيث خاض منافسة شرسة مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي للإنتخابات الرئاسية، وبعدها فوزه على منافسه الجمهوري المخضرم جون ماكين بفارق
واضح ليصبح الرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدة الأميركية في العام 2009 لثماني سنوات متتالية
سادسا : في هذا الفصل يدعو أوباما القارئ للدخول معه الى البيت الأبيض للتحول في أقسامة وزواريبه لدرجة يشعر فيها المرء وكأنه بين الحضور في تفاصيل طالت الحياة الخاصة مع أفراد عائلته حينا ، ومع ضيوفه وزاره وفريق عمله و مستشاريه أحيانا
سابعا: بداية التحديات التي تزامنت مع دخوله إلى البيت الأبيض إن على المستوى الداخلي تحقيق مشروعه الرئيسي لتطوير نظام الخدمات والتقديمات الصحية ، وهو ما عرف لاحقا بمشروع Obama Care والبطاقة الصحية ، أم على صعيد السياسة الخارجية التي أغرقته في أوحالها دون التمكن من صياغة الإستراتيجيات الضرورية للتعاطي معها نتيجة توزع مراكز القوی والنفوذ والمصالح في أقبية دوائر القرار
ثامنا: بداية الحراك الإجتماعي في العالم العربي أو ما اصطلح على تسميته عام 2011 ب " الربيع العربي". جماهير خرج إلى الشوارع في البحرين و ساحة التحرير في مصر وسوريا وما خلقة هذا الحراك من تعارضات ومواقف متناقضة في أروقة الإدارة الأميركية، من تأييد إلى شجب إلى بلبلة.... وذلك نتيجة لوجود مصالح استراتيجية وقواعد عسكرية في البحرين وقطر وسواهما، وبعد أن قرر الطلب من حسني مبارك للتنحي عن الحكم أمام جماهير ساحة التحرير، يصطدم أوباما باتصال هاتفي من نتنياهو يحذره فيه من العجلة في دفع هذا القرار قائلا: إن خيار تعزل الرئيس المصري هو خيار بين " الإستقرار " الفوضى " قال إسرائيل تفضتل الخيار الأول بما فيه ضمانة لأمنها واستراتيجيتها في المنطقة
تاسعا: الدبلوماسية الأميركية في الشرق الأوسط ولقاءات أوباما مع قيادات عالمية وعربية وانطباعاته الشخصية عن كل شخصية التقى بها . ولا داعى لإستفاضة طويلة في هذا القسم خاصة وأنه توقفت مليا أمام الملامح الشكلية وربطها بتوقعاته من حيث الإداء والحركة والإنفعالات .
عاشرا : ملفات المنطقة العربية والشرق الأوسط والقضية الفلسطينية والتي كانت الأكثر تعقيدا على لائحة المهام التي تصدى لها مع إدارته. ولما كانت دوائر القرار موزعة في مرجعيات متداخلة بين: الخارجية، الدفاع، وكالة المخابرات المركز االكونجرس و مجلس الأمن القومي الأمر الذي يجعل من الإجماع على اتخاذ القرارات أمر في غاية التعقيد، خاصة عندما يتعلق الأمر بالملف الفلسطيني والتداخلات مع حركة (أيباك، اللوبي الصهيوني) الذي يملك وزنا عاليا في إتخاذ القرارات ذات الصلة بهذا الصدد.
الملفت انه في الصفحتين 628 و 629 يفرد أوباما عبارات خاصة وصريحة من حجم تمثل Al PC ( اللوبي الصهيوني )وتأثيرها في صياغة القرارات المتعلقة بالسياسة الخارجية قائلا: " إن أعضاء في الحزبين الديمقراطي والجمهوري يحذرون مواجهة هذا اللوبي القوي النفوذ في كافة الادوار الإنتخابية وعلى كافة السياسين في واشنطن بما فيهم أنا شخصيا .معرفة ان طموحهم يحقق التأييد المطلق للسياسات الإسرائيلية وضمانة الضخ للمساعدات الأميركية ومنع إستفراد إسرائيل بالإدانة في المنظمات والهيئات الدولية عبر استخدام حق الفيتو عندما تدعو الحاجة لذلك" ويضيف أوباما قائلا ما حرفينه :" إن دعم إسرائيل واجب حتى عندما يتعارض مع السياسة الأميركية كي لا يوجه للمعارضين تهمة العداء الإسرائيل ، أو العداء للسامية، وهم سيدفعون ثمنا غاليا في أي انخابات
فارس بدر كندا اليوم
fliekClib
https://fcialisj.com/ - buy generic cialis