في  هذا الأسبوع  وبالتحديد في يوم السبت الموافق 13 مارس  إستيقظت على خبر مزعج واليم  إهتز له جميع الاردنيون بل قل العرب وربما العالم  .. الأردنيون و بجميع مستوياتهم وبدءا من جلالة الملك عبد الله  ونزولا الى المواطنين البسطاء كانوا كلهم في داخل وفي محيط مستشفى السلط الحكومي والذي لم يدخل في الخدمة إلا من اشهر معدودة .. الحادث وكما قلت محزن وأليم  اذ استشهد فيه تسعة اشخاص مرضى وقد كانوا على اسرتهم  متصلين بأجهزة امداد الاكسجين يتلقون العلاج للشفاء من الكورونا . وبالطبع كانت كل هذه الأجهزة متصلة بمخزن  الاكسجين الرئيسى بالمستشفى  وكما نعرف فان مصاب الكرونا يعاني من قصور في عمل الرئتين ومن ثم فلا تستطيع رئتيه الحصول على ما يكفيه من هذا الغاز الهام من الهواء الجوى كما هو الحال في الاصحاء وذلك لان فيروس كوفيد 19 يكون قد استوطن الجزء الأكبر من الحويصلات الهوائية الموجودة في الرئتين  وعلى هذا فان المريض محتاج الى تيار مستمر من الاكسجين ليقوم الدم بحمله مكونا مادة الاكسى-هيموجلوبين التي تذهب الى القلب وتوزع لتغذية  أعضاء الجسم وخاصة الدماغ والذي ان لم تتغذ خلاياه ولدقائق معدودة تبدأ هذه الخلايا في الموت وللأسف فان هذه الخلايا لا تتجدد . وعلى هذا فان وصول الكمية اللازمة من الاكسجين للجسم هو شرط أساسي لبقاء الانسان على قيد الحياة . لقد قدر ما يحتاجه الانسان العادي من الاكسجين بحوالي عشرة الاف لتر يوميا حيث انه يستهلك  من 6-7 لترات في كل دقيقة . فالانسان البالغ يستهلك حوالى 50 سم من الاكسجين في كل شهقة .

الان يمكننا ان نتصور خطورة انقطاع تيار الاكسجين عن المرضى فما بالك بمرضى الكورونا حيث القصور في الرئتين .. بالطبع النتائج ستكون كارثية وستؤدي حتما للموت في اكثر الحالات او تلف في الكثير من أعضاء الجسم في احسن الأحوال وبالطبع هذا في الأساس يعتمد على درجة قصور الرئتين أي درجة فشلهما في اخذ كمية الاكسجين اللازمة من الهواء العادي .

إذن من الأهمية القصوى ان يكون هناك من يتابعون وبصفة انية  مستمرة حالة كل جهاز من أجهزة الامداد وكذلك المخزون المتاح من هذا الغاز في كل مستشفى وان الإهمال في هذا يعد بمثابة جريمة جنائية تصل الى تعريض حياة المريض عمدا  للموت .

وعلى ما سبق فان من مسؤلية مدير المستشفى وهو في العادة طبيب متخصص ان يكون متأكدا من ان مخزون مستشفاه من الاكسجين ودائما في حالته القصوى  وذلك حفاظا على المرضى بشكل عام وسواء اكانوا  كبارا في غرف العمليات او أطفالا خدجا في داخل الحاضنات او مرضى في وحدات العناية المركزة او حتى  في عنابر المرضى .

خلاصة القول انه حدث ما حدث وفقدنا  اعزاء علينا نحتسبهم عند الله وذلك  نتيجة تقصير واهمال لا يمكن الدفاع عنه ومن ثم فقد اُعترف به  من قبل وزير الصحة والذي اقيل بامر ملكي ومن قبل رئيس مجلس الوزراء  وكذلك مدير المستشفى ومساعدوه واخرين تم ايداعهم جميعا  السجن للتحقيق .

اما ردة الفعل  على هذا الحدث الصادم فقد كانت عنيفة قوية  فقد خف الى مكان الحادث أي مستشفى السلط جلالة الملك وبلباسه العسكري ومصطحبا معه صاحب السمو ولي العهد .. جاء الملك مهرولا ومنذ سماعه الخبر الحزين وربما كان وصوله اسرع من المسؤلين الاخرين والمفترض وصولهم قبل جلالته .. حضر الملك وشاهد وعلى ارض الواقع تراجيدية الموقف ووقف على تفصيلاته  وبعد ذلك تحدث مع المتجمعين خارج اسوار المستشفى وقام بتعزية من وجد من اهل الضحايا وترحم على الموتى الشهداء  مما كان له اثرا كبيرا في تهدئة الخواطر وتخفيف المصاب, وشعر الأردنيون بان مليكهم الطيب الانسان وكعادته , هو اول من يخف ليقف بجانبهم في السراء والضراء .

    لقد احسن جلالة الملك عبد الله صنعا بهذا العمل الإنساني المسؤل واثبت انه يضع شعار "المواطن أغلى ما نملك" موضع الحقيقة والتطبيق  وانه ليس مجرد شعار المقصود به الدعاية والاعلان.  صحيح ان الملك لم يُحي الموتي فالله وحده يملك هذه القدرة ولكن, مشاركته احزان امته وإقالتة لوزيرالصحة والتوجيه بمحاسبة المقصرين من خلال محاكمات شفافة عادلة  كل هذه الاعمال اشعر االاردنيين ان حاكمهم لا يعيش في برج عاجي بعيدا عنهم,  كذلك ما تبع هذا الحادث من قرارات  بانشاء مصنع للاوكسجين من قبل القوات المسلحة  وخلال ثلاثة أسابيع  لانتاج 600 أسطوانة يوميا, وتخصيص كوادر من الدفاع المدني في المستشفيات لتفقد الاكسجين ثلاث مرات  يوميا, كل هذا أثبت لاهل الضحايا ان دماء شهدائهم لم تذهب سدى بل ذهبت فداء وطن حماه الله من كل مكروه .

وككلمة صدق في حق الأردن الحبيب فان هذا البلد ورغم قلة ومحدودية دخله وظروف وجوده محاطا بحلقة من البلدان المضطربة الأوضاع ونيران الحروب التي تحيط به من كل جانب إلا انه والحمد الله ظل صامدا والى حد كبير امام محاولات جره ليكون وقودا لهذه النيران او مركزا لعدم الاضطراب والإرهاب والذي أصاب جيرانه وللأسف من  الدول العربية  . وانا وحينما زرت الأردن اخر مرة وكان ذلك في العام 2012 وجدت وللامانه ان الجميع تقريبا يملك الحب والإخلاص لبلده الأردن ولمليكه الانسان  وان هذا الجميع يشعر بان معاملة معظم المسؤلين فيها وعلى رأسهم جلالة الملك تختلف اختلافا فارقا عن معاملة النظراء من مسؤلي الدول العربية لمواطنيهم فهناك حالات مشابهة من احداث جسام وموت باعداد كبيرة واكبر ممن ماتوا في حادث مستشفى السلط, أقول إن هذه الاحداث الأكبرقد حدثت في دول أخرى سواء بالحريق او الغرق او نقص الاكسجين  او حتى انهيار المنازل ناهيك عن حوادث الإرهاب التي تطال المواطن العادي او الاختطاف , ولكن وفي اغلب الحالات  لم تكن ردة الفعل بنفس الدرجة من  الايجابية مثلما حدث في الأردن . وانا وكإنسان عربي أتمنى ان تكون معاملة  جلالة الملك عبدالله ومن خلفه المسؤلين الكبار لمواطنيهم  مثلا يحتذى به في سائر البلاد النامية ومنها بلادنا العربية الأخرى حمى الله شعوبها من كل مكروه.

شارك مع أصدقائك
  • gplus
  • pinterest

أخر الأخبار

لا يوجد أخبار

أحدث التعليقات

    لا يوجد تعليقات

أترك تعليقاً